@ 25 @ ارتدادها وأظلامها بغمم العذاب . ويحتملُ أنْ يكونَ ذلك تسويداً ينزله الله بهم على جهة التشويه والتمثيل بهم ، على نحو حشرهم زرقاً ، وهذه أقبح طلعة . ومن ذلك قول بشار : % ( وللبخيل على أمواله علل % .
زرق العيون عليها أوجه سود .
) % .
انتهى كلامه . وقال قوم : البياض والسواد مثلان عبر بهما عن السرور والحزن لقوله تعالى : { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا } وكقول العرب لمن نال أمنيته : ابيض وجهه . ولمن جاء خائباً : جاء مسودّ الوجه . وقال أبو طالب : .
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه .
وقال امرؤ القيس : .
وأوجههم عند المشاهد غران .
وقال زهير : .
وأبيض فياض يداه غمامة .
وبدأ بالبياض لشرفه ، وأنه الحالة المثلى . وأسند الابيضاضَ والإسوداد إلى الوجوه وإنْ كان جميع الجسد أبيض أو أسود ، لأن الوجه أول ما يلقاك من الشخص وتراه ، وهو أشرف أعضائه . والمراد : وجوه المؤمنين ووجوه الكافرين قاله أبيُّ بن كعب . وقيل : وجوه المهاجرين والأنصار ، ووجوه بني قريظة والنضير . وقيل : وجوه أهل السنة ، ووجوه أهل البدعة . وقال عطاء : وجوه المخلصين ، ووجوه المنافقين . وقيل : وجوه المؤمنين ، ووجوه أهل الكتاب والمنافقين . وقيل : وجوه المجاهدين ، ووجوه الفرار من الزحف . وقيل : تبيض بالقناعة ، وتسودّ بالطمع . وقال الكلبي : تسفر وجوه من قدر على السجود إذا دعوا إليه ، وتسودّ وجوه مَنْ لم يقدر . .
واختلفوا في وقت ابيضاض الوجوه واسودادها ، فقيل : وقت البعث من القبور . وقيل : وقت قراءة الصحف . وقيل : وقت رجحان الحسنات والسيئات في الميزان . وقيل : عند قوله : { وَامْتَازُواْ الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ } . .
وقيل : وقت أنْ يُؤمَرَ كل فريق بأن يتبع معبوده والعامل في { يَوْمَ تَبْيَضُّ } ما يتعلق به . ولهم عذاب عظيم أيْ وعذابٌ عظيم كائن لهم يوم تبيض وجوه . وقال الحوفي : العامل ، فيه محذوف تدل عليه الجملة السابقة ، أي : يعذبون يوم تبيض وجوه . وقال الزمخشري : بإضمار اذكروا ، أو بالظرف وهو لهم . وقال قوم : العامل عظيم ، وضعف من جهة المعنى لأنه يقتضي أنّ عظمَ العذاب في ذلك اليوم ، ولا يجوز أنْ يعمل فيه عذاب ، لأنه مصدر قد وصف . وقرأ يحيى بن وثاب ، وأبو رزين العقيلي ، وأبو نهيك : تبيض وتسودّ بكسر التاء فيهما ، وهي لغة تميم : وقرأ الحسن ، والزهري ، وابن محيصن ، وأبو الجوزاء : تبياض وتسواد بألف فيهما . ويجوز كسر التاء في تبياض وتسواد ، ولم ينقل أنه قرىء بذلك . .
{ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ