@ 20 @ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } أمروا أولاً بغاية التقوى حتى لا يقع إخلال بشيء ثم نسخ . وقال ابن عباس ، وطاوس : هي محكمة . { وَاتَّقُواْ اللَّهَ * مَّا اسْتَطَعْتُم } بيان لقوله : اتقوا الله حق تقاته . وقيل : هو أن لا تأخذه في الله لومة لائم ، ويقوم بالقسط ولو على نفسه أو ابنه أو أبيه . وقيل : لا يتقي الله عبد حق تقاته حتى يخزن لسانه . وقال ابن عباس : المعنى جاهدوا في الله حق جهاده . وقال الماتريدي : وفي حرف حفصة اعبدوا الله حق عبادته . وتقاة هنا مصدر ، وتقدم الكلام عليه في { إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً } . .
قال ابن عطية : ويصح أن يكون التقاة في هذه الآية جمع فاعل وإنْ كان لم يتصرف منه ، فيكون : كرماة ورام ، أو يكون جمع تقي ، إذ فعيل وفاعل بمنزلة . والمعنى على هذا : اتقوا الله كما يحق أن يكون متقوه المختصون به ، ولذلك أضيفوا إلى ضمير الله تعالى انتهى كلامه . وهذا المعنى ينبو عنه هذا اللفظ ، إذ الظاهر أنّ قوله : حقّ تقاته من باب إضافة إلى موصوفها ، كما تقول : ضربت زيداً شديد الضرب ، أي الضرب الشديد . فكذلك هذا أي اتقوا الله الاتقاء الحق ، أي الواجب الثابت . أما إذا جعلت التقاة جمعاً فإنَّ التركيب يصير مثل : اضرب زيداً حق ضرابه ، فلا يدل هذا التركيب على معنى : اضرب زيداً كما يحق أن يكون ضرابه . بل لو صرح بهذا التركيب لاحتيج في فهم معناه إلى تقدير أشياء يصح بها المعنى ، والتقدير : اضرب زيداً ضرباً حقاً كما يحق أن يكون ضرب ضرابه . ولا حاجة تدعو إلى تحميل اللفظ غير ظاهره وتكلف تقادير يصح بها معنى لا يدل عليه ظاهر اللفظ . .
{ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } ظاهره النهي عن أن يموتوا إلا وهم متلبسون بالإسلام . والمعنى : دوموا على الإسلام حتى يوافيكم الموت وأنتم عليه . ونظيره ما حكى سيبويه من قولهم : لا أرينك ههنا ، وإنما المراد لا تكن هنا فتكون رؤيتي لك . وقد تقدم لنا الكلام على هذا المعنى مستوفى في سورة البقرة في قوله : { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدّينَ } الآية والجملة من قوله : وأنتم مسلمون حالية ، والاستثناء مفرع من الأحوال . التقدير : ولا تموتن على حال من الأحوال إلا على حالة الإسلام . ومجيئُها إسمية أبلغُ لتكرر الضمير ، وللمواجهة فيها بالخطاب . وزعم بعضهم أنَّ الأظهر في الجملة أن يكون الحال حاصلة قبل ، ومستصحبة . وأمّا لو قيل : مسلمين ، لدلَّ على الاقتران بالموت لا متقدماً ولا متأخراً . .
{ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً } أي استمسكوا وتحصّنوا . وحبل الله : العهْد ، أو القرآن ، أو الدين ، أو الطاعة ، أو إخلاص التوبة ، أو الجماعة ، أو إخلاص التوحيد ، أو الإسلام . أقوال للسلف يقرب بعضها من بعض . وروى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال : ( كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض ) . وروي عنه صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ( القرآن حبل الله المتين لا تنقضي عجائبه ولا تخلق على كثرة الردّ من قال به صدق ، ومن عمل به رشد ، ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم )