@ 13 @ موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم من استطاع إليه سبيلاً . وقال بعض البصريين : مَنْ موصولة في موضع رفع على أنه فاعل بالمصدر الذي هو حج ، فيكون المصدر قد أضيف إلى المفعول ورفع به الفاعل نحو : عجبت من شرب العسل زيد ، وهذا القول ضعيف من حيث اللفظ والمعنى . أمّا من حيث اللفظ فإنّ إضافة المصدر للمفعول ورفع الفاعل به قليل في الكلام ، ولا يكاد يحفظ في كلام العرب إلا في الشعر ، حتى زعم بعضهم أنه لا يجوز إلا في الشعر . وأمّا من حيث المعنى فإنه لا يصح ، لأنّه يكون المعنى : إنّ الله أوجب على الناس مستطيعهم وغير مستطيعهم أنْ يحج البيت المستطيع . ومتعلق الوجوب إنما هو المستطيع لا الناس على العموم ، والضمير في إليه يعود على البيت ، وقيل : على الحج . وإليه متعلق باستطاع ، وسبيلاً مفعول بقوله استطاع لأنه فعل متعد . قال تعالى : { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ } وكل موصل إلى شيء ، فهو سبيل إليه . .
وظاهر الآية يدل على وجوب الحج على من استطاع إلى البيت سبيلاً ، وليست الاستطاعة من باب المجملات كما قدّمنا . وقال عمر ، وابنه ، وابن عباس ، وعطاء ، وابن جبير : هي حال الذي يجد زاداً وراجلة ، وعلى هذا أكثر العلماء . وقال ابن الزبير والضحاك : إذا كان مستطيعاً غير شاق على نفسه وجب عليه . قال الضحاك : إذا قدر أن يؤجر نفسه فهو مستطيع ، وقيل له في ذلك ؛ فقال : إن كان لبعضهم ميراث بمكة ، أكان يتركه ، بل كان ينطلق إليه ؟ ولو حبوا فكذلك يجب عليه الحج . وقال الحسن : مَنْ وجد شيئاً يبلغه فقد وجب عليه . وقال عكرمة : استطاعةَ السبيل الصحة . ومذهب مالك : أنَّ الرجل إذا وثق بقوته لزمه ، وعنه ذلك على قدر الطاقة .