@ 546 @ وقيل : اسم للمسجد خاصة ، قاله ابن شهاب . قيل : ويدل عليه أن البك هو دفع الناس بعضهم بعضاً وازدحامهم ، وهذا إنما يحصل في المسجد عند الطواف لا في سائر المواضع ، وسيأتي الكلام على لفظ مكة إن شاء الله . .
البركة : الزيادة ، والفعل منه : بارك ، وهو متعد ، ومنه { أَن بُورِكَ مَن فِى النَّارِ } ويضمن معنى ما تعدى بعلى ، لقوله : وبارك على محمد ، و : تبارك ، لازم . .
العوج : الميل ، قال أبو عبيدة : في الدين والكلام والعمل . وبالفتح في : الحائط والجذع . وقال الزجاج بمعناه . قال : فيما لا نرى له شخصاً ، وبالفتح فيما له شخص . قال ابن فارس : بالفتح في كل منتصب كالحائط . والعوج : ما كان في بساط أو دين وأرض أو معاش . .
العصم : المنع ، واعتصم واستعصم : امتنع ، واعتصمت فلاناً هيأت له ما يعتصم به ، وكل متمسك بشيئ معتصم ، وكل مانع شيء عاصم ، ويرجع لهذا المعنى : الأعصم ، والمعصم ، والعصام . ويسمى الخبز عاصماً لأنه يمنع من الجوع . .
{ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } مناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنه لما أخبر عمن مات كافراً أنه لا يقبل ما أنفق في الدنيا ، أو ما أحضره لتخليص نفسه في الآخرة على الاختلاف الذي سبق ، حض المؤمن على الصدقة وبين أنه لن يدرك البر حتى ينفق مما يحب . .
والبر هنا . قال ابن مسعود ، وابن عباس ، ومجاهد ، والسدّي ، وعمرو بن ميمون : البر الجنة . وقال الحسن ، والضحاك : الصدقة المفروضة . وقال أبو روف : الخير كله . وقيل : الصدق . وقيل : أشرف الدين ، قاله عطاء . وقال ابن عطية : الطاعة . وقال مقاتل بن حيان : التقوى . وقال الزجاج : كل ما تقرّب به إلى الله من عمل خير . وقال معناه ابن عطية . قال أبو مسلم : وله مواضع ، فيقال : الصدق البر ، ومنه : صدقت وبررت ، وكرام بررة ، والإحسان : ومنه بررت والدي ، واللطف والتعاهد : ومنه يبر أصحابه إذا كان يزورهم ويتعاهدهم ، والهبة والصدقة : برّة بكذا إذا وهبه له . .
وقال : ويحتمل لن تنالوا برّ الله بكم أي ، رحمته ولطفه . انتهى . وهو قول أبي بكر الوراق ، قال : معنى الآية لن تنالوا برّي بكم إلاَّ ببرّكم بإخوانكم ، والإنفاق عليهم من أموالكم وجاهكم . وروي نحوه على ابن جرير . ويحتمل أن يريد : لن تنالوا درجة الكمال من فعل البر حتى تكونوا أبراراً إلاَّ بالإنفاق المضاف إلى سائر أعمالكم ، قاله ابن عطية . وقد تقدّم شرح البرّ في قوله : { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرّ } ولكن فعلنا ما قال الناس في خصوصية هذا الموضع . .
و : من ، في : مما تحبون ، للتبعيض ، ويدل على ذلك قراءة عبد الله : حتى تنفقوا بعض ما تحبون . و : ما ، موصولة ، والعائد محذوف . .
والظاهر : أن المحبة هنا هو ميل النفس وتعلقها التعلق التام بالمنفق ، فيكون إخراجه على النفس أشق وأصعب من إخراج ما لا تتعلق به النفس ذلك التعلق ، ولذلك فسره الحسن ، والضحاك : : بأنه محبوب المال ، كقوله : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبّهِ } لذلك ما روي عن جماعة أنهم لهذه الآية تصدّقوا بأحب شيء إليهم ، فتصدّق أبو طلحة ببير حاء ، وتصدق زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها ، وابن عمر بالسكر واللوز لأنه كان يحبه ، وأبو ذر يفحل خير إبله وببرنس على مقرور ، وتلا الآية ، والربيع بن خيثم بالسكر لحبه له ، وأعتق عمر جارية أعجبته ، وابنه عبد الله جارية كانت أعجب شيء إليه . .
وقيل : معنى مما تحبون ، نفائس المال وطيبه لا رديئه وخبيثه . وقيل : ما يكون محتاجاً إليه . وقيل : كل شيء ينفقه المسلم من ماله يطلب به وجه الله . .
ولفظة : تحبون ، تنبو عن هذه الأقوال ، والذي يظهر أن الإنفاق هو في الندب ، لأن المزكي لا يجب عليه أن يخرج أشرف أمواله ولا أحبها إليه ، وأبعد من ذهب إلى أن هذه الآية منسوخة ، لأن الترغيب في الندب لوجه الله لا ينافي الزكاة . قال بعضهم : وتدل هذه الآية على أن الكلام يصير شعراً بأشياء ، منها : قصد المتكلم إلى أن يكون شعراً ، لأن هذه الآية على وزن بيت الرمل ، يسمى المجزؤ والمسبع ، وهو :