@ 437 @ خاصين . والمعنى : إنك تعطي من شئت قسماً من الملك ، وتنزع ممن شئت قسماً من الملك وقد فسر الملك هنا بالنبوّة أيضاً ، ولا يتأتى هذا التفسير في : تنزع الملك ، لأن الله لم يؤت النبوّة لأحد ثم نزعها منه إلاَّ أن يكون تنزع مجازاً بمعنى : تمنع النبوّة ممن تشاء ، فيمكن . .
وقال أبو بكر الوراق : هو ملك النفس ومنعها من اتباع الهوى . وقيل : العافية ، وقيل : القناعة . وقيل : الغلبة بالدين والطاعة . وقيل : قيام الليل . وقال الشبلي : هو الاستغناء بالمكون عن الكونين . وقال عبد العزيز بن يحيى : هو قهر إبليس كما كان يفرّ من ظل عمر ، وعكسه من كان يجري الشيطان منه مجرى الدم . وقيل : ملك المعرفة بلا علة ، كما أتى سحرة فرعون ، ونزع من بلعام . وقال أبو عثمان : هو توفيق الإيمان . .
وإذا حملناه على الأظهر : وهو السلطنة والغلبة ، وكون المؤتَى هو الآمر المتبع ، فالذي آتاه الملك هو محمد صلى الله عليه وسلم ) وأمته ، والمنزوع منهم فارس والروم . وقيل : المنزوع منه أبو جهل وصناديد قريش . وقيل : العرب وخلفاء الإسلام وملوكه ، والمنزوع فارس والروم . وقال السدي : الأنبياء أمر الناس بطاعتهم ، والمنزوع منه الجبارون أمر الناس بخلافهم . وقيل : داود عليه السلام ، والمنزوع منه طالوت . وقيل : صخر ، والمنزوع منه سليما أيام محنته . وقيل : المعنى تؤتي الملك في الجنة من تشاء وتنزع الملك من ملوك الدنيا في الآخرة ممن تشاء . وقيل : الملك العزلة والانقطاع ، وسموه الملك المجهول . .
وهذه أقوال مضطربة ، وتخصيصات ليس في الكلام ما يدل عليها ، والأولى أن يحمل على جهة التمثيل لا الحصر في المراد . .
{ وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء } قيل : محمد صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه ، حين دخلوا مكة في اثني عشر ألفاً ك ظاهرين عليها ، وأذل أبا جهل وصناديد قريش حتى حزت رؤوسهم وألقوا في القليب . وقيل : بالتوفيق والعرفان ، وتذل بالخذلان . وقال عطاء : المهاجرين والأنصار وتذل فارس والروم . وقيل : بالطاعة وتذل بالمعصية . وقيل : بالظفر والغنيمة وتذل بالقتل والجزية . وقيل : بالإخلاص وتذل بالرياء . وقيل بالغنى وتذل بالفقر . وقيل : بالجنة والرؤية وتذل بالحجاب والنار ، قاله الحسن بن الفضل . وقيل : بقهر النفس وتذل باتباع الخزي ، قاله الوراق . وقيل : بقهر الشيطان وتذل بقهر الشيطان اياه ، قاله الكتاني . وقيل : بالقناعة والرضا وتذل بالحرص والطمع . .
ينبغي حمل هذه الأقاويل على التمثيل لأنه لا مخصص في الآية ، بل الذي يقع به العز والذل مسكوت عنه ، وللمعتزلة هنا كلام مخالف لكلام أهل السنة ، قال الكعبي : تؤتى الملك على سبيل الاستحقاق من يقوم به ، ولا تنزعه إلاَّ ممن فسق ، يدل عليه { لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ } جعل الاصطفاء سبباً للملك ، فلا يجوز أن يكون ملك الظالمين بإيتائه وقد يكون ، وقد ألزمهم أن لا يتملكوه ، فصح أن الملوك العادلين