@ 435 @ دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم ، كما غرى أولئك بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) في كبائرهم . إنتهى كلامه . وهو على عادته من اللهج بسب أهل السنة والجماعة ، ورميهم بالتشبيه ، والخروج إلى الطعن عليهم بأي طريق أمكنه . .
وتقدّم تفسير هذه : الأيام المعدودات ، في سورة البقرة فأغنى عن إعادته هنا ، إلاَّ أنه جاء هناك : معدودة ، وهنا : معدودات ، وهما طريقان فصيحان تقول : جبال شامخة ، وجبال شامخات . فتجعل صفة جمع التكسير للمذكر الذي لا يعقل تارة لصفة الواحدة المؤنثة ، وتارة لصفة المؤنثات . فكما تقول : نساء قائمات ، كذلك تقول : جبال راسيات ، وذلك مقيس مطرد فيه . .
{ وَغَرَّهُمْ فِى دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } قال مجاهد : الذي افتروه هو قولهم : { لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَّعْدُوداتٍ } وقال قتادة : بقولم : نحن أبناء الله وأحباؤه . وقيل : { لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } . وقيل : مجموع هذه الأقوال . .
وارتفع : ذلك ، بالابتداء ، و : بأنهم ، هو الخبر ، أي : ذلك الإعراض والتولي كائن لهم وحاصل بسبب هذا القول ، وهو قولهم : إنهم لا تمسهم النار إلاَّ أياماً قلائل ، يحصرها العدد . وقيل : خبر مبتدأ محذوف ، أي : شأنهم ذلك ، أي التولي والإعراض ، قاله الزجاج . وعلى هذا يكون : بأنهم ، في موضع الحال ، أي : مصحوباً بهذا القول ، و : ما في : ما كانوا ، موصولة ، أو مصدرية . .
{ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ } هذا تعجيب من حالهم ، واستعظام لعظم مقالتهم حين اختلفت مطامعهم ، وظهر كذب دعواهم ، إذ صاروا إلى عذاب ما لهم حيلة في دفعه ، كما قال تعالى : { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } هذا الكلام يقال عند التعظيم لحال الشيء ، فكيف إذا توفتهم الملائكة ؟ وقال الشاعر : % ( فكيف بنفس ، كلما قلت : أشرفت % .
على البرء من دهماء ، هيض اندمالها .
) % .
وقال : % ( فكيف ؟ وكلٌّ ليس يعدو حمامه % .
وما لامرىء عما قضى الله مرحلُ .
وانتصاب : فكيف ، قيل على الحال ، والتقدير : كيف يصنعون ؟ وقدره الحوفي : كيف يكحون حالهم ؟ فإن أراد كان التامة كانت في موضع نصب على الحال ، وإن كانت الناقصة كانت في موضع نصب على خبر كان ، والأجود أن تكون في موضع رفع خبر لمبتدأ محذوف يدل عليه المعنى : التقدير : كيف حالهم ؟ والعامل في : إذا ، ذلك الفعل الذي قدره ، والعامل في : كيف ، إذا كانت خبراً عن المبتدأ إن قلنا إن انتصابها انتصاب الظروف ، وإن قلنا إنها اسم غير ظرف ، فيكون العامل في : إذا ، المبتدأ الذي قدرناه ، أي : فكيف حالهم في ذلك الوقت ؟ وهذا الاستفهام لا يحتاج إلى جواب ، وكذا أككثر استفهامات القرآن ، لأنها من عالم الشهادة ، وإنما استفهامه تعالى تقريع . .
.
) % .
واللام ، تتعلق : بجمعناهم ، والمعنى : لقضاء يوم وجزائه كقوله : { إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ } قال النقاش : اليوم ، هنا الوقت ، وكذلك : { أَيَّامًا مَّعْدُوداتٍ } و { فِى يَوْمَيْنِ } و { فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } إنما هي عبارة عن أوقات ، فإنما الأيام والليالي عندنا في الدنيا . .
وقال ابن عطية : الصحيح في يوم القيامة أنه يومك ، لأنه قبله ليلة وفيه شمس . .
ومعنى : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي في نفس الأمر ، أو عند المؤمن ، أو عند المخبر عنه ، أو حين يجمعهم فيه ، أو معناه : الأمر خمسة أقوال . .
{ وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } تقدم تفسير مثل يهذا في البقرة ، آخر آيات الربا . .
{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِك