116 - قوله D { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } واختلفوا في أن هذا القول متى يكون فقال السدي : قال الله تعالى القول لعيسى عليه السلام حين رفعه إلى السماء لأن حرف ( إذ ) يكون للماضي وقال سائر المفسرين : إنما يقول الله له هذا القول يوم القيامة بدليل قوله [ من قبل ] : { يوم يجمع الله الرسل } ( المائدة - 109 ) وقال من بعدها { هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم } ( المائدة 119 ) وأراد يهما يوم القيامة وقد تجيء ( إذ ) كقوله D : { ولو ترى إذ فزعوا } أي : إذا فزعوا [ يوم القيامة ] والقيامة وإن لم تكن بعد ولكنها كالكائنة لأنها آتية لا محالة .
قوله : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } ؟ فإن قيل : فما وجه هذا السؤال مع علم الله D أن عيسى لم يقله ؟ .
قيل هذا السؤال عنه لتوبيخ قومه وتعظيم أمر هذه المقالة كما يقول القائل لآخر : أفعلت كذا وكذا ؟ فيما يعلم أنه لم يفعله إعلاما واستعظاما لا استخبارا واستفهاما .
وأيضا : أراد الله D أن يقر [ عيسى عليه السلام عن ] نفسه بالعبودية فيسمع قومه ويظهر كذبهم عليه أنه أمرهم بذلك قال أبو روق : إذا سمع عيسى عليه السلام هذا الخطاب أرعدت مفاصله وانفجرت من أصل كل شعرة في جسده عين من دم ثم يقول مجيبا لله D : { قال سبحانك } تنزيها وتعظيما لك { ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } قال ابن عباس : تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك وقيل معناه : تعلم سري ولا أعلم سرك وقال أبو روق تعلم ما كان مني في دار الدنيا ولا أعلم ما يكون منك في الآخرة وقال الزجاج : النفس عبارة عن جملة الشيء وحقيقته يقول : تعلم جميع ما أعلم من حقيقة أمري ولا أعلم حقيقة أمرك { إنك أنت علام الغيوب } ما كان وما يكون