89 - قوله D : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قال ابن عباس Bهما : لما نزلت : ( لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ) قالوا : يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها ؟ وكانوا حلفوا على ما أتفقوا عليه فأنزل الله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } قرأ حمزة و الكسائي ( و أبو بكر ) { عقدتم } بالتخفيف وقرأ ابن عامر ( عاقدتم ) بالألف وقرأ الآخرون ( عقدتم ) بالتشديد أي : وكدتم والمراد من الآية قصدتم وتعمدتم { فكفارته } أي : كفارة ما عقدتم الإيمان إذا حنثتم { إطعام عشرة مساكين } واختلفوا في قدره : فذهب قوم إلىة أنه يطعم كل مسكين مدا من الطعام بمد النبي A وهو رطل وثلث من غالب قوت البلد وكذلك في جميع الكفارات وهو قول زيد بن ثابت و ابن عمر وبه قال سعيد بن المسيب و القاسم و سليمان بن يسار و عطاء و الحسن .
وقال أهل العراق : عليه لكل مسكين مدان وهو نصف صاع يروى ذلك عن عمر وعلي Bهما .
وقال ابو حنيفه : إن أطعم من الحنطة فنصف صاع وإن أطعم من غيرها فصاع وهو قول الشعبي و النخعي و سعيد بن جبير و مجاهد و الحكم .
ولو غداهم وعشاهم لا يجوز وجوز أبو خنيفه ويروى ذلك عن علي Bه .
ولا تجوز الدراهم والدنانير ولا الخبز ولا الدقيق بل يجب إخراج الحب إليهم وجوز أبو حنيفه Bه كل ذلك .
ولو صرف الكل إلى مسكين واحد ( لا يجوز ) وجوز أبو حنيفه أن يصرف طعام عشرة إلى مسكين واحد في عشرة أيام ولا يجوز ان يصرف إلا إلى مسلم حر محتاج فإن إلى ذمي أو عبد أو غني لا يجوز وجوز أبو حنيفه صرفها إلى أهل الذمة واتفقوا على أن تصرف الزكاة إلى أهل الذمة لا يجوز .
وقوله تعالى : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } أي من خير قوت عيالكم وقال عبيدة السلماني : الأوسط الخبز والخل والأعلى الخبز واللحم والأدنى الخبز البحت والكل ( يجزىء ) .
قوله تعالى : { أو كسوتهم } كل من لزمته كفارة اليمين فهو فيها مخير إن شاء أطعم عشرة من المساكين وإن شاء كساهم وإن شاء اعتق رقبة فإن اختار الكسوة فاختلفوا في قدرها : .
فذهب قوم إلى أنه يكسو كل مسكين ثوبا واحدا مما يقع عليه اسم الكسوة إزار أو رداء او قميص أو سراويل أو عمامة او كساء ونحوها وهو قول ابن عباس و الحسن و مجاهد و عطاء و طاووس وإليه ذهب الشافعي C تعالى .
وقال مالك : يجب لكل إنسان ما تجوز فيه صلاته فيكسو ثوبا واحدا والنساء ثوبين درعا وخمارا .
وقال سعيد بن المسيب لكل مسكين ثوبان .
قوله D : { أو تحرير رقبة } وإذا اختار العتق يجب إعتاق رقبة مؤمنة وكذلك جميع الكفارات مثل كفارة القتل والظهار والجماع في نهار رمضان يجب فيها إعتاق الرقبة الكافرة في جميعها إلا في كفارة القتل لن الله تعالى قيد الرقبة فيها بالإيمان قلنا : المطلق يحمل على المقيد { كما أن الله تعالى قيد الشهادة بالعدالة في موضع فقال : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } و ( والطلاق 2 ) وأطلق في موضع فقال : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } ( البقرة 282 ) ثم العدالة شرط في جميعها حملا للمطلق على المقيد } وكذلك ها هنا ولا يجوز إعتاق المرتد بالاتفاق عن الكفارة .
ويشترط أن يكون سليم الرق حتى لو أعتق عن كفارته مكاتبا أوأم ولد أو عبدا اشتراه بشرط العتق أو اشترى قريبه الذي يعتق عليه بنية الكفارة يعتق ولكن لا يجوز عن الكفارة وحو أصحاب الرأي عتق المكاتب إذا لم يكن أدى شيئا من النجوم وعتق القريب عن الكفارة ويشترط ان تكون الرقبة سليمة من كل عيب يضر بالعمل ضررا بينا حتى لا يجوز مقطوع إحدى اليدين او إحدى الرجلين ولا الأعمى ولا الزمن ولا المجنون المطبق ويجوز الأعور والأصم ومقطوع الأذنين والأنف لأن هذه العيوب لا تضر بالعمل ضررا بينا .
وعند أبي حنيفة Bه كل عيب يفوت جنسا من المنفعة ( على الكمال ) يمنع الجواز حتى جوز مقطوع إحدى اليدين ولم يجوز مقطوع الأذنين .
قوله D : { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } إذا عجز الذي لزمته كفارة اليمين عن الإطعام والكسوة وتحرير اللرقبة يجب عليه صوم ثلاثة أيام والعجز أن لا يفضل من ماله عن قوته وقوت عياله وحاجته ما يطعم او يعتق فإنه يصوم ثلاثة أيام .
وقال بعضهم : إذا ملك ما يمكنه الإطعام وإن لم يفضل عن كفايته فليس له الصيام وهو قول الحسن و سعيد بن جبير .
واختلفوا في وجوب التتابع في هذا الصوم : فذهب جماعة إلى انه لا يجب فيه التتابع بل إن شاء تابع وإن شاء فرق والتتابع أفضل وهو أحد قولي الشافعي وذهب قوم إلى انه يجب فيه التتابع قياسا على كفارة القتل والظهار وهو قول الثوري و أبي حنيفة ويدل على قراءة ابن مسعود Bه فصيام ثلاثة أيام متتابعات { ذلك } أي : ذلك الذي ذكرت { كفارة أيمانكم إذا حلفتم } وحنثتم فإن الكفارة لا تجب إلا بعد الحنث .
واختلفوا في تقديم الكفارة على الحنث : فذهب قوم إلى جوازه لما روينا أن النبي A قال : [ من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير ] وهو قول عمر { وابن عمر } و ابن عباس وعائشة وبه قال الحسن و ابن سيرين وإليه ذهب مالك و الاوزاعي و الشافعي إلا أن الشافعي يقول : إن كفر بالصوم قبل الحنث لا يجوز لأنه بدني وإنما يجوز بالإطعام أو الكسوة أو العتق كما يجوز تقديم الزكاة على الحول ولا يجوز تعجيل صوم رمضان قبل وقته وذهب قوم إلى أنه لا يجوز تقديم الكفارة على الحنث وبه قال أبو حنيفه Bه .
قوله D : { واحفظوا أيمانكم } قيل : أراد به ترك الحلف أي : لا تحلفوا وقيل : وهو الأصح أراد به : إذا حلفتم فلا تحنثوا فالمراد منه حفظ اليمين من الحنث هذا إذا لم تكن يمينه على ترك مندوب أو فعل مكروه فإن حلف على فعل مكروه أو ترك مندوب فالأفضل أن يحنث نفسه ويكفر / لما أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليجي أنا احمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا حجاج بن منهال أنا جرير بن حازم عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال : قال النبي A : [ يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها و إن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير ] .
قوله تعالى : { كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون }