87 - قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } الآية قال أهل التفسير : [ ذكر النبي A الناس يوما ووصف القيامة فرق له الناس وبكوا فاجتمع عشرة من أصحابه في بيت عثمان بن مظعون الجمحي وهم أبو بكر Bه وعلي بن أبي طالب Bه وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وأبو ذر الغفاري وسالم مولى أبي حذيفة والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي ومعقل بن مقرن Bهم وتشاوروا واتفقوا على أن يترهبوا ويلبسوا المسوح ويجبوا مذاكيرهم ويصوموا الدهر ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم والودك ولا يقربوا النساء والطيب ويسيحوا في الأرض فبلغ ذلك رسول الله A فأتى دار عثمان بن مظعون فلم يصادفه فقال لامرأته أم حكيم بنت أبي أمية واسمها الخولاء وكانت عطارة : أحق ما بلغني عن زوجك وأصحابه ؟ فكرهت أن تكذب رسول الله A وكرهت أن تبدي على زوجها فقالت : يا رسول الله إن كان أخبرك عثمان بشيء فقد صدقك فانصرف رسول الله A فلما دخل عثمان أخبرته بذلك فأتى رسول الله A وهو وأصحابه فقال رسول الله A ألم أنبأ أنكم اتفقتم على كذا وكذا ؟ قالوا : بلى يا رسول الله وما أردنا إلا الخير فقال A : إنى لم أؤمر بذلك ثم قال : إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ثم جمع الناس وخطبهم فقال : ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات ( النساء ) ؟ أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهبانا فإنه ليس في ديني ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع وإن سياحة أمتي الصوم ورهبانيتهم الجهاد اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وحجوا واعتمروا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واستقيموا يستقم لكم فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع ] فأنزل الله D هذه الآية .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث أنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثني ابن أنعم عن سعد بن مسعود ان عثمان ابن مظعون Bه أتى النبي A فقال : ائذن لنا في الإختصاء فقال رسول الله A : [ ليس منا من خصى ولا اختصى خصاء أمتي الصيام ] فقال : يا رسول الله ائذن لنا في السياحة فقال : [ إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله ] فقال : يا رسول الله ائذن لنا في الترهب فقال : [ إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد وانتظار الصلاة ] .
وروي عن عكرمة عن ابن عباس Bهما أن رجلا قال : يا رسول الله إني أصبت من اللحم فانتشرت وأخذتني شهوة فحرمت اللحم فأنزل الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } يعني : اللذات التي تشتهيها النفوس مما أحل الله لكم من المطاعم الطيبة والمشارب اللذيذة { ولا تعتدوا } أي : ولا تتجاوزوا الحلال إلى الحرام وقيل : هو جب المذاكير { إن الله لا يحب المعتدين }