42 - قوله تعالى { سماعون للكذب أكالون للسحت } قرأ ابن كثير و أبو جعفر وأهل البصرة و الكسائي { للسحت } بضم الحاء والآخرون بسكونها وهو الحرام وأصله الهلاك والشدة قال الله تعالى : { فيسحتكم بعذاب } ( طه 61 ) نزلت في حكام اليهود كعب بن الأشرف وأمثاله كانوا يرتشون لمن رشاهم .
قال الحسن : كان الحاكم منهم إذا أتاه أحد برشوة جعلها في كمه فيريها إياه ويتكلم بحاجته فيسمع منه ولا ينظر إلى خصمه فيسمع الكذب ويأكل الرشوة .
وعنه أيضا قال : إنما ذلك في الحكم إذا رشوته ليحق لك باطلا أو يبطل [ عنك ] حقا فأما أن يعطي الرجل الوالي يخاف ظلمه ليدرأ به عن نفسه فلا بأس فالسحت هو الرشوة في الحكم على قول الحسن و مقاتل و قتادة و الضحاك وقال ابن مسعود : هو الرشوة في كل شيء وقال ابن مسعود : من شفع شفاعة ليرد بها حقا أو يدفع بها [ ظلما ] فأهدي له فقبل فهو سحت فقيل له : يا أبا عبد الرحمن ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم فقال : الأخذ على الحكم كفر قال الله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ( سورة المائدة 44 ) .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا عبد الرحمن بن أبي شريح أنا أبو القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد أنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو Bهما أن رسول الله A قال : [ لعن الله الراشي و المرتشي ] .
و السحت كل كسب لا يحل .
قوله D : { فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا } خير الله تعالى رسوله A في الحكم بينهم إن شاء حكم وإن شاء ترك .
واختلفوا في حكم الآية اليوم هل للحاكم الخيار في الحكم بين أهل الذمة إذا تحاكموا إلينا ؟ فقال أكثر أهل العلم : هو حكم ثابت وليس في سورة المائدة منسوخ وحكام المسلمين بالخيار في الحكم بين أهل الكتاب إن شاؤوا حكموا وإن شاؤوا لم يحكموا وإن حكموا حكموا بحكم الإسلام وهو قول النخعي و الشعبي و عطاء و قتادة .
وقال قوم : يجب على حاكم المسلمين أن يحكم بينهم والآية منسوخة نسخها قوله تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } ( سورة المائدة 49 ) وهو قول مجاهد و عكرمة وروي ذلك عن ابن عباس وقال : لم ينسخ من المائدة إلا آيتان قوله تعالى : { لا تحلوا شعائر الله } نسخها قوله تعالى { اقتلوا المشركين } وقوله : { فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } نسخها قوله تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } فأما إذا تحاكم إلينا مسلم وذمي فيجب علينا الحكم بينهما لا يختلف القول فيه لأنه لا يجوز للمسلم الانقياد لحكم أهل الذمة قوله { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط } أي : بالعدل { إن الله يحب المقسطين } أي العادلين روينا عن النبي A أنه قال : [ المقسطون عند الله على منابر من نور ]