38 - { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } أراد به أيمانهما وكذلك هو في مصحف عبد بن مسعود Bه .
وحكمه أن من سرق [ نصابا ] من المال من حرز لا شبهة له فيه تقطع يده اليمنى من الرسغ ولا يجب القطع في سرقة ما دون النصاب عند عامة أهل العلم حكي عن ابن الزبير أنه كان يقطع في الشيء القليل وعامة العلماء على خلافه .
واختلفوا في القدر الذي يقطع به : فذهب أكثرهم إلى أنه لا يقطع في أقل من ربع دينار فإن سرق ربع دينار أو متاعا قمته ربع دينار يقطع وهو قول أبي بكر و عمر وعثمان وعلي Bهم وبه قال عمر بن عبد العزيز و الأوزاعي و الشافعي رحمهم الله لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي أنا عبد العزيز أحمد الخلال أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله A قال : [ القطع في ربع دينار فصاعدا ] .
أخبرنا أبو الحسن الشيرزي أخبرنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن رسول الله A قطع سارقا في مجن [ ثمنه ] ثلاثة دراهم .
وروي عن عثمان أنه قطع سارقا في أترجة قومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما بدينار وهذا قول مالك C تعالى أنه يقطع في ثلاثة دراهم .
وذهب قوم إلى أنه لا تقطع في أقل من دينار أو عشرة دراهم يروى ذلك عن ابن مسعود Bه وإليه ذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي .
وقال قوم لا يقطع إلا في خمسة دراهم يروى ذلك عن أبي هريرة Bه وبه قال ابن أبي ليلى أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عمر بن حفص بن غياث أخبرني أبي أنا الأعمش قال : سمعت أبا صالح عن أبي هريرة عن النبي A قال : [ لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ] وقال الأعمش : كانوا يرون أنه بيض الحديد و الحبل يرون أن منها ما يساوي دراهم .
ويحتج بهذا الحديث من يرى القطع في الشيء القليل وهو عند الأكثرين محمول على ما قاله الأعشى ] / لحديث عائشة Bها [ وإذا سرق شيئا من غير حرز كثمر في حائط لا حارس له أو حيوان في برية لا حافظ له أو متاع في بيت منقطع عن البيوت لا قطع عليه ] .
وروي عن رسول الله A أنه قال : [ لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن ] .
وروي عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر Bه عن النبي A قال : [ ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع ] .
و إذا سرق مالا له فيه شبهة كالعبد يسرق من مال سيده أو الولد يسرق من مال والده أو الوالد يسرق من مال ولده أو أحد الشريكين يسرق من المال المشترك شيئا : لا قطع عليه .
إذا سرق السارق أول مرة تقطع يده اليمنى من الكوع ثم إذا سرق ثانيا تقطع رجله اليسرى من مفصل القدم .
واختلفوا فيما إذا سرق ثالثا : أكثرهم إلى أنه تقطع يده اليسرى ثم إذا سرق رابعا تقطع رجله اليمنى ثم إذا سرق بعده يعزر ويحبس حتى تظهر توبته وهو المروي عن أبي بكر الصديق Bه وهو قول قتادة وبه قال مالك و الشافعي لما روي عن أبي سلمة عن أبي هريرة Bه أن رسول الله A قال [ في السارق يسرق إن سرق فاقطعوا رجله ثم إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ] .
وذهب قوم إلى أنه إن سرق ثالثا بعدما قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى لا يقطع بل يحبس وروي ذلك عن علي Bه وقال : [ إني لأستحي أن لا أدع له يدا يستنجي بها ولا رجلا يمشي بها ] وهو قول الشعبي و النخعي وبه قال الأوزاعي و أحمد وأصحاب الرأي قوله تعالى : { جزاء بما كسبا } نصب على الحال والقطع ومثله : { نكالا } أي عقوبة { من الله والله عزيز حكيم }