40 - { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } أدخل ابن عباس يده في التراب ثم نفخ فيها وقال : كل واحد من هذه الأشياء ذرة والمراد أنه لا يظلم لا قليلا ولا كثيرا ] ونظمه : وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الاخر وأنفقوا فإن الله لا يظلم أي : لا يبخس ولا ينقص أحدا من ثواب عمله مثقال ذرة وزن ذرة والذرة : هي النملة الحمراء الصغيرة وقيل : الذر أجزاء الهباء في الكوة وكل جزء منها ذرة ولا يكون لها وزن وهذا مثل يريد : إن الله لا يظلم شيئا كما قال في آية أخرى : { إن الله لا يظلم مثقال } يونس - 44 ) .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أبو كبر بن محمد المزني أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد أنا الحسين بن الفضل البجلي انا عفان أنا همام انا قتادة عن أنس Bه أن رسول الله A قال : [ إن الله لايظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزي بها في الآخرة قال : وأما الكفار فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يعطى بها خيرا ] .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أبو الطيب الربيع بن محمد بن أحمد بن حاتم البزار الطوسي أنا أحمد ابن محمد بن الحسن أن محمد بن يحيى حدثهم اخبرنا عبد الرزاق وأخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري أخبرنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز أنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري أنا عبد الرزاق أنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري Bه قال : قال رسول الله A : [ إذا خلص المؤمنون من النار وأمنوا فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار قال : فيقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتهم النار قال : فيقول اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه فيخرجونهم فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا قال : ثم يقول : أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار من الإيمان ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار حتى يقول : من كان في قلبه مثقال ذرة قال أبو سعيد Bه : فمن لم يصدق هذا فليقرأ هذه الآية : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما } قال : فيقولون ربنا قد أخرجنا من أمرتنا فلم يبق في النار أحد فيه خير ثم يقول الله D : شفعت الملائكة وشفعت الأنبياء وشفع المؤمنين وبقي أرحم الراحمين قال : فيقبض قبضة من النار أو قال : قبضتين لم يعملوا لله خيرا قط قد احترقوا حتى صاروا حمما فيؤتى بهم إلى ماء يقال له : ماء الحياة فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل قال : فتخرج أجسادهم مثل اللؤلؤ في أعناقهم الخاتم : عتقاء الله فيقال لهم : ادخلوا الجنة فما تمنيتم او رأيتم من شيء فهو لكم قال فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين قال : فيقول فإن لكم أفضل منه فيقولون : ربنا وما أفضل من ذلك ؟ فيقول : رضاي عنكم فلا أسخط عليكم أبدا ] .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنا محمد بن أحمد بن الحارث أنا محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا إبراهيم بن عبد الله بن الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن ليث بن سعد حدثني عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن المعافري ثم الجيلي قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص Bهما يقول : قال رسول الله A : [ إن الله يستخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول الله : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يارب فيقول : أفلك عذر أو حسنة ؟ فبهت الرجل قال : لا يارب فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة وأنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقول : احضر وزنك فيقول : يارب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول : إنك لا تظلم قال : فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة قال : فلا يثقل مع اسم الله شيء ] وقال قوم : هذا في الخصوم .
وروي عن عبد الله بن مسعود Bه : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد ألا من كان يطلب مظلمة فيجىء إلى حقه فليأخذه فيفرح المرء أن يذوب له الحق على والده أو ولده أو زوجته أو أخيه فيأخذ منه وإن كان صغيرا ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى : { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } ويؤتى بالعبد فينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين : هذا فلان ابن فلان فمن كان له عليه حق فليأت إلى حقه فيأخذه ويقال آت هؤلاء حقوقهم فيقول : يا رب من أين وقد ذهبت الدنيا فيقول الله D لملائكته انظروا في أعماله الصالحة فأعطوهم منها فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة : يا ربنا بقى له مثقال ذرة من حسنة فيقول : ضعفوها لعبدي وادخلوه بفضل رحمتي الجنة ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها } وإن كان عبدا شقيا قالت الملائكة : إلهنا فنيت حسناته وبقي طالبون ؟ فيقول الله D : خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صكوا له صكا إلى النار .
فمعنى الآية على هذا التأويل : أن الله لا يظلم مثقال ذرة للخصم على الخصم بل أخذ له منه ولا يظلم مثقال ذرة تبقى له بل يثيبه عليها ويضعفها له فذاك قوله تعالى : { وإن تك حسنة يضاعفها } قرأ أهل الحجاز { حسنة } بالرفع أي : وإن توجد حسنة وقرأ الآخرون بالنصب على معنى : وإن تك زنة الذرة حسنة يضاعفها أي : يجعلها أضعافا كثيرة { ويؤت من لدنه أجرا عظيما } قال أبو هريرة Bه : إذا قال الله تعالى أجرا عظيما فمن يقدر قدره ؟