12 - { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن } قيل : [ نزلت الآية في رجلين اغتابا رفيقهما وذلك أن رسول الله A كان إذا غزا أو سافر ضم الرجل المحتاج إلى رجلين موسرين يخدمهما ويتقدم لهما إلى المنزل فيهئ لهما ما يصلحهما من الطعام والشراب فضم سلمان الفارسي إلى رجلين في بعض أسفاره فتقدم سلمان إلى المنزل فغلبته عيناه فنام فلم يهيء لهما شيئا فلما قدما قالا له : ما صنعت شيئا ؟ قال : لا غلبتني عيناي قالا له : انطلق إلى رسول الله A فاطلب لنا منه طعاما فجاء سلمان إلى رسول الله A وسأله طعاما فقال له رسول الله A : انطلق إلى أسامة بن زيد وقل له : إن كان عنده فضل من طعام وإدام فليعطك وكان أسامة خازن رسول الله A وعلى رحله فأتاه فقال : ما عندي شيء فرجع سلمان إليهما وأخبرهما فقالا : كان عند أسامة طعام ولكن بخل فبعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئا فلما رجع قالا : لو بعثناك إلى بئر سميحة لغار ماؤها ثم انطلقا يتجسسان هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله A ؟ فلما جاءا إلى رسول الله صلى الله عليه .
وسلم قال لهما : مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما قالا : والله يا رسول الله ما تناولنا يومنا هذا لحما قال : بل ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة فأنزل الله D : { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن } ] وأراد : أن يظن بأهل الخير سوءا { إن بعض الظن إثم } قال سفيان الثوري : الظن ظنان : أحدهما إثم وهو أن تظن وتتكلم به والآخر ليس بإثم وهو أن تظن ولا تتكلم .
{ ولا تجسسوا } التجسس : هو البحث عن عيوب الناس نهى الله تعالى عن البحث عن المستور من أمور الناس وتتبع عوراتهم حتى لا يظهر على ما ستره الله منها .
أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله A قال : [ إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوات عباد الله إخوانا ] .
أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن الحسن الطوسي بها أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الإسفراييني أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي أخبرنا عبد الله بن ناجية حدثنا يحيي بن أكثم أخبرنا الفضل بن موسى الشيباني عن الحسين بن واقد عن أوفى بن دلهم عن نافع عن ابن عمر Bهم أن النبي A قال : [ يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورات المسلمين يتتبع الله عورته ومن يتتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ] .
قال ونظر ابن عمر يوما إلى الكعبة فقال : ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم عند الله حرمة منك .
وقال زيد بن وهب : قيل لابن مسعود : هل لك في الوليد بن عقبة تقطر لحيته خمرا فقال : إنا قد نهينا عن التجسس فإن يظهر لنا شيء نأخذه به { ولا يغتب بعضكم بعضا } يقول : لا يتناول بعضكم بعضا بظهر الغيب بما يسوءه مما هو فيه .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري حدثنا أحمد بن علي الكشميهني حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة [ أن رسول الله A قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : ذكرك أخاك بما يكره قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ] .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أخبرنا أبو الطاهر الحارثي أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي أخبرنا عبد الله بن محمود أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أخبرنا عبد الله بن المبارك عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أنهم ذكروا عند رسول الله A رجلا فقالوا : لا يأكل حتى يطعم ولا يرحل حتى يرحل فقال النبي A : اغتبتموه فقالوا : إنما حدثنا بما فيه قال : حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه ] .
قوله D : { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } قال مجاهد : لما قيل لهم ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ) قالوا : لا قيل : { فكرهتموه } أي فكما كرهتم هذا فاجتنبوا ذكره بالسوء غائبا .
قال الزجاج : تأويله : إن ذكرك من لم يحضرك بسوء بمنزلة أكل لحم أخيك وهو ميت لا يحس بذلك .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أخبرنا ابن فنجويه حدثنا ابن شيبة حدثنا الفريابي حدثنا محمد بن المصفى حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج حدثني صفوان بن عمرو حدثنا راشد بن سعد و عبد الرحمن بن جبير عن أنس بن مالك عن النبي A قال : [ لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخشمون بها وجوههم ولحومهم فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ] .
قال ميمون بن سياه : بينا أنا نائم إذا أنا بجيفة زنجي وقائل يقول : كل قلت : يا عبد الله ولم آكل ؟ قال : بما اغتبت عبد فلان فقلت : والله ما ذكرت فيه خيرا ولا شرا قال لكنك استمعت ورضيت به فكان ميمون لا يغتاب أحدا ولا يدع أحدا يغتاب عنده أحدا .
{ واتقوا الله إن الله تواب رحيم }