159 - قوله تعالى : { فبما رحمة من الله } أي : فبرحمة من الله و { ما } صلة كقوله { فبما نقضهم } { لنت لهم } أي : سهلت لهم اخلاقك وكثرة احتمالك ولم تسرع اليهم فيما كان منهم يوم أحد { ولو كنت فظا } يعني : جافيا سئ الخلق قليل الاحتمال { غليظ القلب } قال الكلبي : فظا في القول غليظ القلب في الفعل { لانفضوا من حولك } أي : لنفروا وتفرقوا عنك يقال : فضضتهم فانفضوا أي فرقتهم فتفرقوا { فاعف عنهم } تجاوز عنهم ما أتوا يوم أحد { واستغفر لهم } حتى أشفعك فيهم { و شاورهم في الأمر } أي : استخرج آراهم واعلم ما عندهم من قول العرب : شرت الدابة وشورتها إذا استخرجت جريها وشرت العسل وأشرته إذا أخذته من موضعه واستخرجته .
واختلفوا في المعنى الذي لأجله امر الله نبيه A بالمشاورة مع كمال عقله وجزالة رأيه ونزول الوحي عليه ووجوب طاعته على الخلق فيما أحبوا وكرهوا .
فقال بعضهم : هو خاص في المعنى أي : وشاورهم فيما ليس عندك فيه من الله تعالى عهد قال الكلبي : يعني ناظرهم في لقاء العدو ومكايد الحرب عند الغزو .
وقال مقاتل و قتادة : أمر الله تعالى بمشاورتهم تطييبا لقلوبهم فإن ذلك أعطف لهم عليه وأذهب لأضغانهم فإن سادات العرب كانوا إذا لم يشاوروا في الأمر شق ذلك عليهم .
وقال الحسن : قد علم الله D / أنه ما به إلى مشاورتهم حاجة ولكنه أراد أن يستن به من بعده .
أخبرنا أبو طاهر بن علي بن عبد الله الفارسي : أخبرنا أبو ذر محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان أخبرنا علي بن العباس المقانعي أخبرنا أحمد بن ماهان أخبرني أبي أخبرنا طلحة بن زيد عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة Bها قالت : مارأيت رجلا أكثر استشارة للرجال من رسول الله A .
قوله تعالى { فإذا عزمت فتوكل على الله } لا على مشاورتهم أي : قم بأمر الله وثق به واستعنه { إن الله يحب المتوكلين }