25 - { فغفرنا له ذلك } يعني : ذلك الذنب { وإن له } بعد المغفرة { عندنا } يوم القيامة { لزلفى } لقربة ومكانة { وحسن مآب } أي : حسن مرجع ومنقلب .
قال وهب بن منبه : إن داود لما تاب الله عليه بكى على خطيئته ثلاثين سنة لا يرقأ دمعه ليلا ولا نهارا وكان أصاب الخطيئة وهو ابن سبعين سنة فقسم الدهر بعد الخطيئة على أربعة أيام : يوم للقضاء بين بني إسرائيل ويوم لنسائه ويوم يسبح في الفيافي والجبال والسواحل ويوم يخلو في دار له فيها أربعة آلاف محراب فيجتمع إليه الرهبان فينوح معهم على نفسه فيساعدونه على ذلك فإذا كان يوم نياحته يخرج في الفيافي فيرفع صوته بالمزامير فيبكي ويبكي معه [ الشجر والرمال والطير والوحوش حتىيسيل من دموعهم مثل الأنهار ثم يجيء إلى الجبال فيرفع صوته بالمزامير فيبكي ويبكي معه ] الجبال والحجارة والدوابوالطير حتى تسيل من بكائهم الأودية ثم يجيء إلى الساحل فيرفع صوته بالمزامير فيبكي ويبكي معه الحيتان ودواب البحر وطير الماء والسباع فإذا أمس رجع فإذا كان يوم نوحه على نفسه نادى مناديه أن اليوم يوم نوح داود على نفسه فليحضر من يساعده فيدخل الدار التي فيها المحاريب فيبسط له ثلاثة فرش مسوح حشوها ليف فيجلس عليها ويجيء أربعة آلاف راهب عليهم البرانس وفي أيديهم العصي فيجلسون في تلك المحاريب ثم يرفع داود صوته بالبكاء والنوح على نفسه ويرفع الرهبان معه أصواتهم فلا يزال يبكي حتى تغرق الفرش من دموعه ويقع داود فيها مثل الفرخ يضطرب فيجيء ابنه سليمان فيحمله فيأخذ من تلك الدموع بكفيه ثم يمسح بها وجهه ويقول : يارب اغفر لي ما ترى فلو عدل بكاء داود ببكاء أهل الدنيا لعدله .
وقال وهب : ما رفع داود رأسه حتى قال له الملك : أول أمرك ذنب وآخره معصية ارفع رأسك فرفع رأسه فمكث حياته لا يشرب ماء إلا مزجه بدموعه ولا يأكل طعاما إلا بله بدموعه .
وذكر الأوزاعي مرفوعا إلى رسول الله A : [ إن مثل عيني داود كقربتين تنطفان ماء ولقد خدت الدموع في وجهه كخديد الماء في الأرض ] .
قال وهب : لما تاب الله على داود قال : يارب غفرت لي فكيف لي أن لا أنسى خطيئتي فأستغفر منها وللخاطئين إلى يوم القيامة ؟ قال : فوسم الله خطيئته في يده اليمنى فما رفع فيها طعاما ولا شرابا إلا بكى إذا رآها وما قام خطيبا في الناس إلا بسط راحته فاستقبل الناس ليروا وسم خطيئته وكان يبدأ إذا دعا فاستغفر للخاطئين قبل نفسه .
وقال قتادة عن الحسن : كان داود بعد الخطيئة لا يجالس إلا الخاطئين يقول : تعالوا إلى داود الخاطئ فلا يشرب شرابا إلا مزجه بدموع عينيه وكان يجعل خبز الشعير اليابس في قصعة فلا يزال يبكي عليه حتى يبتل بدموع عينيه وكان يذر عليه الملح والرماد فيأكل ويقول : هذا أكل الخاطئين قال : وكان داود قبل الخطيئة يقوم نصف الليل ويصوم نصف الدهر فلما كان من خطيئته ما كان صام الدهر كله وقام الليل كله .
وقلا ثابت : كان داود إذا ذكر عقاب الله تخلعت أوصاله فلا يشدها إلا الأسر وإذا ذكر رحمة الله تراجعت .
وفي القصة : أن الوحوش والطير كانت تستمع إلى قراءته فلما فعل ما فعل كانت لا تصغي إلى قراءته فروي أنها قالت : يا داود ذهبت خطيئتك بحلاوة صوتك .
وأخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سليمان بن حرب و أبو النعمان قالا : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس Bهما قال : ( سجدة ص ليست من عزائم السجود وقد رأيت النبي A يسجد فيها ) وأخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن العوام قال : سألت مجاهدا عن سجدة ص فقال : سألت ابن عباس من أين سجدت ؟ قال : أو ما تقرأ : { ومن ذريته داود وسليمان } إلى { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } ( الأنعام - 90 : 84 ) وكان داود ممن أمر نبيكم أن يقتدي به فسجدها داود فسجدها رسول الله A .
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي حدثنا أبو عيسى الترمذي حدثنا قتيبة محمد بن زيد بن خنيس حدثنا الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال : قال لي ابن جريج : أخبرني عبيد الله بن يزيد عن ابن عباس Bهما قال : ( جاء رجل إلى النبي A قال : يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها وهي تقول : اللهم اكتب لي بها عندك أجرا وضع عني وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود قال الحسن : قال ابن جريج : قال لي جدك : قال ابن عباس : فقرأ النبي A سجدة ثم سجد فسمعته وهو يقول [ مثل ذلك ] ما اخبره الرجل عن قول الشجر )