81 - قوله D : { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة } قرأ حمزة { لما } بكسر اللازم وقرا الآخرون بفتحها فمن كسر اللام فهي لام الإضافة دخلت على ما ومعناه الذي يريد للذي آتيتكم أي : أخذ ميثاق النبيين لأجل الذي آتاهم من الكتاب والحكمة يعني أنهم أصحاب الشرائع ومن فتح اللام فمعناه : للذي آتيتكم بمعنى الخبر وقيل : بمعنى الجزاء أي : لئن آتيتكم ومهما آتيتكم وجواب الجزاء قوله { لتؤمنن } .
قوله : { لما آتيتكم } قرأ نافع وأهل المدينة ( آتيناكم ) على التعظيم كما قال : { وآتينا داود زبورا } ( النساء - 163 ) { وآتيناه الحكم صبيا } ( سورة مريم 12 ) وقرأ الاخرون بالتاء لموافقة الخط ولقوله : { وأنا معكم } .
واختلفوا في المعني بهذه الآية : فذهب قوم الى أن الله تعالى أخذ الميثاق على النبيين خاصة أن يبلغوا كتاب الله ورسالاته الى عباده وأن يصدق بعضهم بعضا وأخذ العهد على كل نبي ان يؤمن بمن ياتى بعده من الأنبياء وينصره إن أدركه وإن لم يدركه أن يأمر قومه بنصرته إن ادركوه فإخذ الميثاق من موسى ان يؤمن بعيسى ومن عيسى أن يؤمن بمحمد A .
( وقال الاخرون : بما اخذ الله الميثاق منهم في أمر محمد A ) فعلى هذا اختلفوا : منهم من قال : غنما أخذ الميثاق على أ هل الكتاب الذين أرسل منهم النبيين وهذا قول مجاهد و الربيع ألا ترى الى قوله { ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه } وإنما كان محمد A مبعوثا إلى اهل الكتاب دون النبيين يدل عليه أن في قراءة عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب } وأما القراءة المعروفة ( وإذ اخذ الله ميثاق النبيين ) فأراد : أن الله اخذ ميثاق النبيين ان ياخذوا الميثاق على أممهم أن يؤمنوا بمحمد A ويصدقوه وينصروه إن أدركوه .
وقال بعضهم : أراد اخذ الله الميثاق على النبيين وأممهم جميعا في أمر محمد A فاكتفى بذكر النبياء لأن العهد مع المتبوع عهد على الأتباع وهذا معنى قول ابن عباس وقال علي بن أبي طالب : لم يبعث الله نبيا آدم ومن بعده إلا أخذ عليه العهد في أمر محمد وأخذ العهد على قومه ليؤمنن به ولئن بعث وهم احياء لينصرنه .
قوله : { ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم } يعني : محمدا A { لتؤمنن به ولتنصرنه } يقول الله تعالى للأنبياء حين استخرج الذرية من صلب آدم عليه السلام والأنبياء فيهم كالمصابيح ولاسرج وأخذ عليهم الميثاق في امر محمد A قال { أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري } أي : قبلتم على ذلكم عهدي والإصر : العهد الثقيل { قالوا أقررنا قال } الله تعالى : { فاشهدوا } أي : فاشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم { وأنا معكم من الشاهدين } عليكم وعليهم وقال ابن عباس : فاشهدوا أي : فاعلموا وقال سعيد بن المسيب / قال الله تعالى للملائكة فاشهدوا عليهم كناية عن غير مذكور