52 - قوله تعالى { فلما أحس عيسى منهم الكفر } أي و جد قال الفراء وقال أبو عبيدة : عرف وقال مقاتل : رأى { منهم الكفر } وأرادوا قتله استنصر عليهم وقال { قال من أنصاري إلى الله } قال السدي : كان سبب ذلك أن عيسى عليه السلام لما بعثه الله D إلى بني إسرائيل وأمره بالدعوة نفته بنو إسرائيل وأخرجوه فخرج هو وأمه يسيحان في الأرض فنزلا في قرية على رجل فأضافهما وأحسن إليهما وكان لتلك المدينة جبار متعد فجاء ذلك الرجل يوما مهتما حزينا فدخل منزله ومريم عند امرأته فقالت لها مريم : ما شان زوجك أراه كئيبا قالت : لا تسأليني قالت : اخبريني لعل الله يفرج كربته قالت : إن لنا ملكا يجعل على كل رجل منا يوما أن يطعمه وجنوده ويسقيهم الخمر فإن لم يفعل عاقبه واليوم نوبتنا وليس لذلك عندنا سعة قالت : فقول ي له لا يهتم فإني آمر ابني فيدعو له فيكفي ذلك فقالت مريم لعيسى عليه السلام في ذلك فقال عيسى : إن فعلت ذلك وقع شر قالت : فلا تبال فإنه قد احسن إلينا وأكرمنا قال عيسى عليه السلام فقولي له إذا اقترب ذلك فاملأ قدورك وخوابيك ماء ثم أعلمني ففعل ذلك فدعا الله تعالى عيسى عليه السلام فتحول ماء القدور مرقا ولحما وماء الخوابي خمرا لم ير الناس مثله قط فلما جاء الملك أكل فلما شرب الخمر قال : من أين هذا الخمر قال : من أرض كذا قال ( الملك ) : فإن خمري من تلك الأرض وليست مثل هذه قال : هي من أرض أخرى فلما خلط على الملك واشتد عليه قال : فأنا أخبرك عندي غلام لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه وإنه دعا الله فجعل الماء خمرا وكان للملك ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيام وكان احب الخلق إليه فقال : أن رجلا دعا الله حتى جعل الماء خمرا ( ليستجاب له ) حتى يحيي ابني فدعا عيسى عليه السلام فكلمه في ذلك فقال عيسى : لا تفعل فإنه إن عاش وقع شر فقال الملك : لا أبالي أليس أراه قال عيسى : أن أحييته تتركون وأمي نذهب حيث نشاء قال : نعم فدعا الله فعاش الغلام فلما رآه أهل مملكته قد عاش تبادروا بالسلاح و قالوا : أكلنا هذا حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف عليها ابنه فيأكل كما أكل أبوه فاقتتلوا فذهب عيسى وأمه فمر بالحواريين وهو يصطادون السمك فقال : ما تصنعون ؟ فقالوا : نصطاد السمك قال : أفلا تمشون حتى نصطاد الناس قالوا : ومن أنت قال : انا عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله من أنصاري إلى الله فآمنوا وانطلقوا معه .
قوله تعالى : { من أنصاري إلى الله } قال السدي و ابن جريج : مع الله تعالى تقول العرب : الذود إلى الذود إبل أي مع الذوذ وكما قال الله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } ( 2 - النساء ) ظاي مع أموالكم وقال الحسن وأبو عبيدة : الى بمعنى في أي من أعواني في الله أي في ذات الله وسبيله وقيل الى في موضعه معناه من يضم نصرته الى نصرة الله لي واختلفوا في الحواريين قال مجاهد و السدي : كانوا صيادين يصطادون السمك سموا حواريين لبيضا ثيابهم وقيل : كانوا ملاحين وقال الحسن : كانوا قصارين سموا بذلك لأنهم كانوا يحورون الثياب أي يبيضونها وقال عطاء : سلمت مريم عيسى عليه السلام إلى أعمال شتى فكان آخر ما دفعته الى الحواريين وكانوا قصارين وصباغين فدفعته إلى رئيسهم ليتعلم منه فاجتمع عند ثياب وعرض له سفر فقال لعيسى : إنك قد تعلمت هذه الحرفة وأنا خارج في سفر لا أرجع إلى عشرة أيام وهذه ثياب الناس مختلفة الألوان وقد أعلمت على كل واحد منها بخيط على اللون الذي يصبغ به فيجب ان تكون فارغا منها وقت قدومي وخرج فطبخ عيسى جبا واحدا على لون واحد وأدخل جميع الثياب وقال : كوني بإذن اله على ما أريد منك فقدم الحواري والثياب كلها في الجب فقال : ما فعلت ؟ فقال : فرغت منها قال : اين هي ؟ قال : في الجب قال : كلها قال : قال : لقد أفسدت تلك الثباب فقال : قم فانظر فأخرج عيسى ثوبا أحمر وثوبا اصفر وثوبا أخضر إلى أن أخرجها على الألوان التي أرادها فجعل الحواري يتعجب فعلم أن ذلك من الله فقال للناس : تعالوا فانظروا فلآمن به هو وأصحابه فهم الحواريون وقال الضحاك : سموا حواريين لصفاء ( قلوبهم ) وقال ابن المبارك : سموا به لما عليهم من اثر العبادة ونورها اصل الحور عند العرب شدة البياض يقال : رجل احور وامرأة حوراء أي شديدة بياض العين وقال الكلبي و عكرمة : الحواريون هم الأصفياء وهم كانوا أصفياء عيسى عليه السلام وكانوا اثنى عشر رجلا قال روح بن القاسم : سألت قتادة عن الحواريين قال : هم الذي يصلح لهم الخلافة وعنه انه قال : الحواريون هم الوزراء وقال الحسن : الحواريون الأنصار والحواري الناصر والحواري في كلام العرب خاصة الرجل الذي يستعين به / فيما ينوبه .
أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي أخبرنا احمد بن عبد الله النعيمي اخبرنا محمد بن يوسف اخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا الحميدي أخبرنا سفيان أخبرنا محمد بن المنكدر قال : سمعت جابر ابن عبد الله Bهما يقول : ندب رسول الله A الناس يوم الخندق فانتدب الزبير ثم ندبهم فانتدب الزبير فقال النبي A [ أن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير ] .
قال سفيان : الحواري الناصر قال المعمر : قال قتادة : أن الحواريين كلهم من قريش أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وحمزة وجعفر وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان بن مظفون وعبد الرحمن وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص و طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام Bهم أجمعين .
{ قال الحواريون : نحن أنصار الله } أعوان دين الله ورسوله { آمنا بالله واشهد } يا عيسى { بأنا مسلمون }