قوله D : 55 - { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض } قال أبو العالية في هذه الآية : مكث النبي A بمكة بعد الوحي عشر سنين مع أصحابه وأمروا بالصبر على أذى الكفار وكانوا يصبحون ويمسون خائفين ثم أمروا بالهجرة إلى المدينة وأمروا بالقتال وهم على خوفهم لا يفارق أحد منهم سلاحه فقال رجل منهم : ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح ؟ فأنزل الله هذه الآية : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم } أدخل اللام لجواب اليمين المضمرة يعني : والله ليستخلفنهم أي : ليورثنهم أرض الكفار من العرب والعجم فيجعلهم ملوكها وساستها وسكانها { كما استخلف الذين من قبلهم } قرأ أبو بكر عن عاصم : كما استخلف بضم التاء وكسر اللام على ما لم يسم فاعله وقرأ الآخرون بفتح التاء واللام لقوله تعالى : وعد الله قال قتادة : { كما استخلف } داود وسليمان وغيرهما من الأنبياء وقيل : كما استخلف الذين من قبلهم أي : بني إسرائيل حيث أهلك الجبابرة بمصر والشام وأورثهم أرضهم وديارهم { وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم } أي : اختار قال ابن عباس : يوسع لهم في البلاد حتى يملكوها ويظهر دينهم على سائر الأديان { وليبدلنهم } قرأ ابن كثير وأبو بكر ويعقوب بالتخفيف من الإبدال وقرأ الآخرون بالتشديد من التبديل وهما لغتان وقال بعضهم : التبديل تغيير حال إلى حال والإبدال رفع الشيء وجعل غيره مكانه { من بعد خوفهم أمنا يعبدونني } آمنين { لا يشركون بي شيئا } فأنجز الله وعده وأظهر دينه ونصر أولياءه وأبدلهم بعد الخوف أمنا وبسطا في الأرض .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا محمد بن الحكم أخبرنا النضر أخبرنا إسرائيل أخبرنا سعيد الطاهري أخبرنا محمد بن خليفة [ عن عدي بن حاتم قال : بينا أنا عند النبي A إذ أتاه رجل فشكى إليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكى إليه قطع السبيل فقال : يا عدي هل رأيت الحيرة ؟ قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها قال : فإن طالت بك حياة فلترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله قلت فيما بيني وبين نفسي : فأين دعار طيء الذين قد سعروا البلاد ؟ ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى قلت : كسرى بن هرمز ؟ قال : كسرى بن هرمز لئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب وفضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه وليلقين الله أحدكم يوم القيامة وليس بينه وبينه ترجمان يترجم فليقولن له : ألم أبعث إليك رسولا فيبلغك ؟ فيقول : بلى فيقول : ألم أعطك مالا / وأفضل عليك ؟ فيقول : بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم قال عدي : سمعت رسول الله A يقول : اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة قال عدي : فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله وكنت ممن افتتح كنوز كسرى بن هرمز ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم A يخرج ملء كفه ] .
وفي الآية دلالة على خلافة الصديق وإمامة الخلفاء الراشدين .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح أخبرنا أبو القاسم البغوي أخبرنا على بن الجعد أخبرني حماد هو ابن مسلمة بن دينار عن سعيد بن جمهان عن سفينة قال : سمعت النبي A يقول : [ الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا ] ثم قال : أمسك خلافة أبي بكر سنتين وخلافة عمر عشرا وعثمان اثنتا عشر وعلي ستة قال علي : قلت لحماد : سفينة القائل لسعيد أمسك ؟ قال : نعم .
قوله D : { ومن كفر بعد ذلك } أراد به كفران النعمة ولم يرد الكفر بالله { فأولئك هم الفاسقون } العاصون لله .
قال أهل التفسير : أول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان Bه فلما قتلوه غير الله ما بهم وأدخل عليهم الخوف حتى صاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخوانا .
أخبرنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم المعروف بابن أبي نصر أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة المعروف بالطرابلسي أخبرنا إسحاق ابن إبراهيم بن عباد عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن حميد بن هلال قال : قال عبد الله ابن سلام في عثمان : إن الملائكة لم تزل محيطة بمدينتكم هذه منذ قدمها رسول الله A حتى اليوم فو الله لئن قتلتموه ليذهبون ثم لا يعودون أبدا فو الله لا يقتله رجل منكم إلا لقي الله أجذم لا يد له وإن سيف الله لم يزل مغمودا عنكم والله لئن قتلتموه ليسلنه الله ثم لا يغمده عنكم إما قال : أبدا وإما قال : إلى يوم القيامة فما قتل نبي قط إلا قتل به سبعون ألفا ولا خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا