2 - { يوم ترونها } يعني الساعة وقيل : الزلزلة { تذهل } قال ابن عباس : تشغل وقيل : تنسى يقال : ذهلت عن كذا أي تركته واشتغلت بغيره { كل مرضعة عما أرضعت } أي : كل امرأة معها ولد ترضعه يقال : امرأة مرضع بلا هاء إذا أريد به الصفة مثل حائض وحامل فإذا أرادوا الفعل أدخلوا الهاء { وتضع كل ذات حمل حملها } أي : تسقط ولدها من هول ذلك اليوم .
قال الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام وهذا يدل على أن هذه الزلزلة تكون في الدنيا لأن بعد البعث لا يكون حمل .
ومن قال : تكون في القيامة قال هذا على وجه تعظيم الأمر لا على حقيقته كقولهم : أصابنا أمر يشيب فيه الوليد يريد شدته .
{ وترى الناس سكارى وما هم بسكارى } قرأ حمزة و الكسائي : ( سكرى وما هم بسكرى ) بلا ألف وهما لغتان في جمع السكران مثل كسلى وكسالى .
قال الحسن : معناه : وترى الناس سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب .
وقيل : معناه : وترى الناس كأنهم سكارى { ولكن عذاب الله شديد } .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمش الزيادي أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر أخبرنا إبراهيم بن عبد الله بن عمر بن بكير الكزفي العبسي أخبرنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله A : [ يقول الله D يوم القيامة : يا آدم قم فابعث بعث النار قال فيقول : لبيك وسعديك والخير كله في يديك يارب وما بعث النار ؟ قال فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال : فحينئذ يشيب المولود وتضع كل ذات حمل حملها وترى [ الناس ] سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد قال : فيقولون : وأينا ذلك الواحد ؟ فقال رسول الله A : تسعمائة وتسعة وتسعون من يأجوج ومأجوج ومنكم واحد فقال الناس : الله أكبر فقال رسول الله A : والله إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة والله إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة والله إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة قال فكبر الناس فقال رسول الله A : ما أنتم يومئذ في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض ] .
وروي عن عمران بن حصين وأبي سعيد الخدري وغيرهما : أن هاتين الآيتين نزلتا في غزوة بني المصطلق ليلا فنادى [ منادي ] رسول الله A فحثوا المطي حتى كانوا حول رسول الله A فقرأها عليهم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة فلما أصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب ولم يضربوا الخيام ولم يطبخوا قدرا والناس ما بين باك أو جالس حزين متفكر فقال رسول الله A : [ أتدرون أي يوم ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : ذلك يوم يقول الله D لآدم قم فابعث بعث النار من ولدك فيقول آدم : من كل كم ؟ فيقول الله D : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد في الجنة قال : فكبر ذلك على المسلمين وبكوا وقالوا : فمن ينجو إذا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله A : أبشروا وسددوا وقاربوا فإن معكم خليقتين ما كانتا في قوم إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا وحمدوا الله ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة وإن أهل الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون منها أمتي وما المسلمون في الكفار إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة بل .
كالشعرة السوداء في الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ثم قال : ويدخل من أمتي سبعون ألفا الجنة بغير حساب فقال عمر : سبعون ألفا ؟ قال : نعم ومع كل واحد سبعون ألفا فقام عكاشة بن محصن فقال : يارسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال رسول الله A : أنت منهم فقام رجل من الأنصار فقال : ادع الله أن يجعلني منهم فقال رسول الله A : سبقك بها عكاشة ]