31 - قوله D : { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } الآية نزلت في نفر من مشركي مكة منهم أبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية جلسوا خلف الكعبة وأرسلوا إلى النبي A فأتاهم فقال له عبد الله بن أبي أمية : إن سرك أن نتبعك فسير جبال مكة بالقرآن فأذهبها عنا حتى تنفسح فإنها أرض ضيقة لمزارعنا واجعل لنا فيها عيونا وأنهارا لنغرس فيها الأشجار ونزرع ونتخذ البساتين فلست كما زعمت بأهون على ربك من داود عليه السلام حيث سخر له الجبال تسبح معه أو سخر لنا الريح فنركبها إلى الشام لميرتنا وحوائجنا ونرجع في يومنا فقد سخرت الريح لسليمان كما زعمت ولست بأهون على ربك من سليمان وأحيي لنا جدك قصيا أو من شئت من آبائنا وموتانا لنسأله عن أمرك أحق ما تقول أم باطل ؟ فإن عيسى كان يحيي الموتى ولست بأهون على الله منه فأنزل الله D : { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } فأذهبت عن وجه الأرض { أو قطعت به الأرض } أي : شققت فجعلت أنهارا وعيونا { أو كلم به الموتى } واختلفوا في جواب { لو } : .
فقال قوم : جوابه محذوف اكتفى بمعرفة السامعين مراده وتقديره : لكان هذا القرآن كقول الشاعر : .
( فأقسم لو شيء أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد لك مدفعا ) .
أراد : لرددناه وهذا معنى قول قتادة قال : لو فعل هذا بقرآن قبل قرآنكم لفعل بقرآنكم .
وقال آخرون : جواب لو مقدم وتقدير الكلام : وهم يكفرون بالرحمن { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } كأنه قال : لو سيرت به الجبال { أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى } لكفروا بالرحمن ولم يؤمنوا لما سبق من علمنا فيهم كما قال : { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا } ( الأنعام - 111 ) ثم قال : .
{ بل لله الأمر جميعا } أي : في هذه الأشياء إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل .
{ أفلم ييأس الذين آمنوا } قال أكثر المفسرين : معناه أفلم يعلم قال الكلبي : هي لغة النخع .
وقيل : لغة هوازن يدل عليه قراءة ابن عباس : أفلم يتبين الذين آمنوا .
وأنكر الفراء أن يكون ذلك بمعنى العلم وزعم أنه لم يسمع أحدا من العرب يقول : يئستن بمعنى : علمت ولكن معنى العلم فيه مضمر .
وذلك أن أصحاب رسول الله A لما سمعوا هذا من المشركين طمعوا في أن يفعل الله ما سألوا فيؤمنوا فنزل : { أفلم ييأس الذين آمنوا } يعني : الصحابة Bهم أجميعن من إيمان هؤلاء أي لم ييأسوا علما وكل من علم شيئا يئس من خلافه يقول : ألم ييئسهم العلم : { أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا } .
{ ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا } من كفرهم وأعمالهم الخبيثة { قارعة } أي : نازلة وداهية تقرعهم من أنواع البلاء أحيانا بالجدب وأحيانا بالسلب وأحيانا بالقتل والأسر .
وقال ابن عباس : أراد بالقارعة : السرايا التي كان رسول الله A يبعثهم إليهم .
{ أو تحل } يعني : السرية والقارعة { قريبا من دارهم } وقيل : أو تحل : أي تنزل أنت يا محمد بنفسك قريبا من ديارهم { حتى يأتي وعد الله } قيل : يوم القيامة وقيل : الفتح والنصر وظهور رسول الله A ودينه { إن الله لا يخلف الميعاد } وكان الكفار يسألون هذه الأشياء على سبيل الاستهزاء فأنزل الله تسلية لنبيه A :