102 - قوله تعالى : { وآخرون } أي : ومن أهل المدينة أو : من الأعراب آخرون ولا يرجع هذا إلى المنافقين { اعترفوا } أقروا { بذنوبهم خلطوا عملا صالحا } وهو إقرارهم بذنوبهم وتوبتهم { وآخر سيئا } أي : بعمل آخر سيء وضع الواو موضع الباء كما يقال : خلطت الماء واللبن أي : باللبن .
والعمل السيء : هو تخلفهم عن رسول الله A .
و العمل الصالح : هو ندامتهم وربطهم أنفسهم بالسواري وقيل : غزواتهم مع النبي A .
{ عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم } [ نزلت هذه الآية في قوم تخلفوا عن رسول الله A في غزوة تبوك ثم ندموا على ذلك وقالوا : نكون في الظلال مع النساء ورسول الله A وأصحابه في الجهاد واللأواء ! فلما قرب رسول الله A من المدينة قالوا والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله A هو الذي يطلقها ويعذرنا فأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد فلما رجع رسول الله A مر بهم فرآهم فقال : من هؤلاء ؟ فقالوا هؤلاء الذين تخلفوا عنك فعاهدوا الله D أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت تطلقهم وترضى عنهم فقال رسول الله A : وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى أومر بإطلاقهم رغبوا عنى وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين ! فأنزل الله هذه الآية فأرسل إليهم رسول الله A فأطلقهم وعذرهم فلما أطلقوا قالوا : يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها وطهرنا واستغفر لنا فقال رسول الله A : ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا فأنزل الله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } ] الآية .
واختلفوا في أعداد هؤلاء التائبين فروي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس Bهما أنه قال : كانوا عشرة منهم أبو لبابة وروى عطية عنه : أنهم كانوا خمسة أحدهم أبو لبابة وقال سعيد بن جبير و زيد بن أسلم : كانوا ثمانية وقال الضحاك و قتادة : كانوا سبعة وقالوا جميعا : أحدهم أبو لبابة .
وقال قوم : نزلت في أبي لبابة خاصة واختلفوا في ذنبه قال مجاهد : نزلت في أبي لبابة حين قال لقريظة : إن نزلتم على حكمه فهو الذبح وأشار إلى حلقه .
وقال الزهري : نزلت في تخلفه عن غزوة تبوك فربط نفسه بسارية وقال والله لا أحل نفسي ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله علي ! فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه فأنزل الله تعالى هذه الآية فقيل له : قد تيب عليك ! فقال : والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله A هو الذي يحلني فجاء النبي A فحله بيده ثم قال أبو لبابة : يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي التى أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله قال : يجزيك يا أبا لبابة الثلث .
قالوا جميعا : فأخذ رسول الله A ثلث أموالهم وترك الثلثين لأن الله تعالى قال : { خذ من أموالهم } ولم يقل : خذ أموالهم قال الحسن و قتادة : هؤلاء سوى الثلاثة الذين خلفوا