سورة الأنفال .
مدنية وهي خمس وسبعون آية قيل : إلا سبع آيات من قوله { وإذ يمكر بك الذين كفروا } إلى آخر سبع آيات فإنها نزلت بمكة والأصح أنها نزلت بالمدينة وإن كانت الواقعة بمكة .
1 - { يسألونك عن الأنفال } الآية قال أهل التفسير : سبب نزول هذه الآية هو أن النبي A قال يوم بدر [ من أتى مكان كذا فله من النفل كذا ومن قتل قتيلا فله كذا ومن أسر أسيرا فله كذا ] فلما التقوا تسارع إليه الشبان وأقام الشيوخ ووجوه الناس عند الرايات فلما فتح الله على المسلمين جاؤوا يطلبون ماجعل لهم النبي A فقال الأشياخ : كنا ردءا لكم ولو انهزمتم لانحزتم إلينا فلا تذهبوا بالغنائم دوننا وقام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري أخو بني سلمة فقال : يا رسول الله إنك وعدت من قتل قتيلا فله كذا ومن أسر أسيرا فله كذا وإنا قد قتلنا منهم سبعين وأسرنا منهم سبعين فقام سعد بن معاذ Bه فقال : والله يا رسول الله ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء زهادة في الأجر ولا جبن عن العدو ولكن كرهنا أن نعري مصافك { فيعطف عليه } خيل من المشركين فيصيبوك فأعرض عنهما رسول الله A وقال سعيد : يا رسول الله إن الناس كثير والغنيمة دون ذلك فإن تعط هؤلاء { الذين } ذكرت لا يبقى لأصحابك كبير شيء فنزلت : { يسألونك عن الأنفال } .
وقال ابن إسحاق : أمر رسول الله A بما في العسكر فجمع فاختلف المسلمون فيه فقال من جمعه : هو لنا قد كان رسول الله A نفل كل امرئ ما أصاب وقال الذين كانوا يقاتلون العدو : لولا نحن ما أصبتموه وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله A : لقد رأينا أن نقتل العدو وأن نأخذ المتاع ولكنا خفنا على رسول الله A كرة العدو وقمنا دونه فما أنتم بأحق به منا .
وروى مكحول عن أبي أمامة الباهلي قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال قال : فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فنزعه الله من أيدينا فجعله إلى رسول الله A فقسمه رسول الله A بيننا عن بواء - يقول على سواء - وكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وصلاح ذات البين .
وقال سعد بن أبي وقاص Bه : [ لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص بن أمية وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكثيفة فأعجبني فجئت به إلى النبي A فقلت : يا رسول الله إن الله قد شفى صدري من المشركين فهب لي هذا السيف فقال : ليس هذا لي ولا لك اذهب فاطرحه في القبض فطرحته ورجعت وبي مالا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلاحي وقلت : عسى أن يعطى هذا السيف من لم يبل بلائي فما جاوزت إلا قليلا حتى جاءني الرسول وقد أنزل الله D : { يسألونك عن الأنفال } الآية فخفت أن يكون قد نزل في شيء فلما انتهيت إلى رسول الله A قال : يا سعد إنك سألتني السيف وليس لي وإنه قد صار لي الآن فاذهب فخذه فهو لك ] .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس Bهما قال : كانت المغانم لرسول الله A خاصة ليس لأحد فيه شيء وما أصاب سرايا المسلمين من شيء أتوه به فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول .
قوله : { يسألونك عن الأنفال } أي : عن حكم الأنفال وعلمها وهو سؤال استخبار لا سؤال طلب وقيل : هو سؤال طلب قاله الضحاك وعكرمة وقوله : { عن الأنفال } أي : من الأنفال عن بمعنى من وقيل : عن صلة أي : يسألونك الأنفال وهكذا قراءة ابن مسعود بحذف عن والأنفال : الغنائم واحدها : نفل وأصله الزيادة يقال : نفلتك وأنفلتك أي : زدتك سميت الغنائم أنفالا : لأنها زيادة من الله تعالى لهذه الأمة على الخصوص .
وأكثر المفسرين على أن الآية في غنائم بدر وقال عطاء : هي ما شذ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال من عبد أو أمة ومتاع فهو للنبي A يصنع به ما شاء .
قوله تعالى : { قل الأنفال لله والرسول } { يقسمها كما شاء } واختلفوا فيه فقال مجاهد و عكرمة و السدي : هذه الآية منسوخة بقوله D : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول } الآية كانت الغنائم يومئذ للنبي A فنسخها الله D بالخمس .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هي ثابتة غير منسوخة ومعنى الآية : قل الأنفال لله مر الدنيا والآخرة وللرسول يضعها حيث أمره الله تعالى أي : الحكم فيها لله ولرسوله وقد بين الله مصارفها في قوله D : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول } الآية .
{ فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } أي : اتقوا الله بطاعته وأصلحوا الحال بينكم بترك المنازعة والمخالفة وتسليم أمر الغنيمة إلى الله والرسول A { وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين }