155 - قوله تعالى { واختار موسى قومه } أي من قومه فانتصب لنزع حرف الصفة { سبعين رجلا لميقاتنا } فيه دليل على أن كلهم لم يعبدوا العجل قال السدي : أمر الله تعالى موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل فاختار موسى من قومه سبعين رجلا { فلما } أتوا ذلك المكان قالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فماتوا .
وقال ابن إسحاق : اختارهم ليتوبوا إليه مما صنعوا ويسألوا التوبة على من تركوا وراءهم من قومهم فهذا يدل على أن كلهم عبدوا العجل .
وقال قتادة و ابن جريج ومحمد بن كعب : { أخذتهم الرجفة } لأنهم لم يزايلوا قومهم حين عبدوا العجل ولم يأمروهم بالمعروف ولم ينهوهم عن المنكر .
وقال ابن عباس : إن السبعين الذين قالوا : { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة } ( البقرة - 55 ) كانوا قبل السبعين الذين أخذتهم الرجفة وإنما أمر الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختارهم وبرز بهم .
ليدعوا ربهم فكان فيما دعوا أن قالوا : اللهم أعطنا ما لم تعطه أحدا قبلنا ولا تعطه أحدا بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة .
وقال وهب : لم تكن الرجفة صوتا ولكن القوم لما رأوا تلك الهيبة أخذتهم الرعدة وقلقوا ورجفوا حتى كادت أن تبين مفاصلهم فلما موسى ذلك رحمهم وخاف عليهم الموت فاشتد عليه فقدهم وكانوا له وزراء على الخير سامعين مطيعين فعند ذلك دعا وبكى وناشد ربه فكشف الله عنهم تلك الرجفة فاطمأنوا وسمعوا كلام ربهم فذلك قوله D : { قال } يعني موسى { رب لو شئت أهلكتهم من قبل } يعني عن عبادة العجل { وإياي } بقتل القبطي { أتهلكنا بما فعل السفهاء منا } يعني عبدة العجل وظن موسى أنهم عوقبوا باتخاذهم العجل وقال هذا على طريق السؤال يسأل : أتهلكنا بفعل السفهاء ؟ .
وقال المبرد : قوله ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) استفهام استعطاف أي : لا تهلكنا وقد علم موسى عليه السلام أن الله تعالى أعدل من أن يأخذ بجريرة الجاني غيره .
قوله تعالى { إن هي إلا فتنتك } أي : التي وقع فيها السفهاء لم تكن إلا اختبارك وابتلاءك أضللت بها قوما فافتنوا وهديت قوما فعصمتهم حتى ثبتوا على دينك فذلك معنى قوله : { تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا } ناصرنا وحافظنا { فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين }