وقد شرحناه فيما تقدم فانظر إلى هذا الجلال الأعظم والسلطان الأهيب منه المكر والاستدراج والهداية والاضلال والكفر والإيمان والطاعة والعصيان وبهذه الأوصاف يتحقق أنه الاله الموجود والرب المعبود والمالك المقصود لا يسئل عما يفعل وهم يسألون فمن قاس الاله على المألوه والرب على المربوب والخالق على المخلوق والمالك على المملوك والآمر على المأمور والناهي على المنهي والمكلف على المكلف فهو تائه في بحر الضلال وخارج عن حزب العقلاء داخل في غمار الجهال الأغبياء وعمي عن إدراك الصواب ذاهل عن صفات ذي الجلال قاصر عن درك العبودية في عقله المختصر وعلمه المحتقر أن يدرك سر الإله في خلقه ويقيس أحكامه سبحانه على مقتضى عقله وهل هو في ضرب المثال إلا بمنزلة الطفل الصغير الذي ينكر فعل الكبير العاقل المميز العالم الخبير العارف بالأمور الدنيوية والأخروية الذي هو في منزلة النبوة ومحل الرسالة وسياسة الخلق أجمعين وعارف بالصنائع الدقيقة والجليلة فيتسجهل هذا الصغير رأيه ويعمقه ويصوب رأي نفسه وعقله إذا أنكر العاقل عليه لعبه بالقذر واخذه للحية يجعلها في فمه أو الوزغة أو العقرب فإذا نهاه ذلك الرجل الكامل العاقل في جميع ما شرحناه استجهله واستحمقه وبكى وظن نفسه أنه أكمل عقلا منه وأفضل وأصوب رأيا وأنبل فهذه صفة القدرية والامامية مع خالقهم ولله المثل الأعلى وإنما ضرب الأمثال يقرب المعاني البعيدة إلى فهم القاصرين والمتقاعدين عن رتبة أهل البصائر والمتميزين كما ضر الله تعالى أقل الأشياء مثلا لنوره في قوله تعالى الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكواة كما قدمناه في إيمان المؤمن وما بعده في أعمال الكفار ولقد حكى عن الطائي الشاعر أنه أنشد قصيدة في مجلس بعض الخلفاء يمدحه فيها حتى جاء إلى قوله