سأل بعضهم عن مخرج هذا الكلام في حق الله تعالى وقال هل الله تعالى في شغل حتى يفرغ منه فقيل له إنما هذا على معنى الإمهال لا على معنى الاشتغال فإن سبحانه كل يوم هو في شأن ولا يشغله شان عن شأن ومخرج هذا الخطاب الوعيد والتهديد أي سنعمد إلى مجازاتكم بعد أن أمهلناكم وأملينا لكم .
فمن قاس فعل الرب الآمر المالك على فعل المربوب المأمور المملوك كان كمن قاس ذات الرب على ذات العبد فجعل إلهه شبهه ومثله جسما مصورا محدودا مقدرا وجوهرا متحيزا وكما لا يجوز قياس الذات على الذات فكذلك لا تقاس الصفات على الصفات فإنه سبحانه يتعالى عن مشابهة خلقه من كل الجهات ولولا ما سبق به الكتاب على ألسنة أنبيائه عليهم السلام من تنعيم المؤمنين وتعذيب الكافرين لجاز له بحق الملك أن يدخل الكل منهم الجنة أو يدخلهم أجمعين النار ولا يكون سحانه ظالما ولا من الحكمة خارجا .
قال الله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا .
وقال حكاية عن عيسى A إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم قال الفقيه أبو حفص عمر الذهبي رحمة الله عليه ظفرت البارحة بأية .
من كتاب الله تعالى هي أحب إلي من مائة ألف قلت ما هي قال القدرية والمعتزلة والامامية يقولون إن الله تعالى يعذب خلقه بذنوبهم ولا يجوز في حكمته أن يغفر لهم ومتى غفر لهم فليس بحكيم فأكذبهم الله تعالى في هذه الآية كما ترى إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم .
فتبينها وتدبرها تعرف مقدارها ومقدار المبتهج بها وهو الفقيه أبو حفص رحمة الله عليه