( ص 3 ) واعلم أن علم الحديث لدى من يقول : إنه أعم من السنة هو : العلم المشتمل على نقل ما أضيف إلى النبي - A - أو إلى صحابي أو إلى من دونه من الأقوال والأفعال والتقارير والأحوال والسير والأيام حتى الحركات والسكنات في اليقظة والمنام وأسانيد ذلك وروايته وضبطه وتحرير ألفاظه وشرح معانيه .
وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين لا يكتبون الحديث ولكنهم يؤدونه لفظا ويأخذونه حفظا إلا كتاب الصدقة وشيئا يسيرا يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء حتى خيف عليه الدروس وأسرع في العلماء الموت .
فكتب ( عمر بن عبد العزيز ) إلى عامله على المدينة ( أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري ) التابعي : انظر ما كان عندك أي : في بلدك من سنة أو حديث فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي - A - وليفشوا العلم وليجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا .
فتوفي ( عمر بن عبد العزيز ) قبل أن يبعث إليه ( أبو بكر ) بما كتبه وكان ( عمر ) قد كتب بمثل ذلك أيضا إلى أهل الآفاق وأمرهم بالنظر في حديث رسول الله A وجمعه .
وأول من دونه بأمره وذلك على رأس المائة الأولى : ( أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري المدني ) ففي ( الحلية ) عن ( سليمان بن داود ) قال : أول من دون العلم ( ابن شهاب ) .
وعن ( ابن شهاب ) قال : لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني ثم كثر بعد ذلك التدوين ثم التصنيف وحصل بذلك خير كثير فلله الحمد