ثم الغالب أن تحقيق هذا العلم إنما يحصل بمن أعطاه كله واستغرق فيه أوقاته دون من يكثر منه الالتفافات إلى غيره من العلوم فإنه لا يحققه كل التحقيق .
قال ( الخطيب البغدادي ) : علم الحديث لا يعلق - يعني علوقا تاما - إلا بمن قصر نفسه عليه ولم يضم غيره من الفنون إليه .
وقال ( الشافعي ) - رضي الله تعالى عنه - : أتريد أن تجمع بين الفقه والحديث هيهات ؟ .
وكان شيخ الإسلام ( أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن مت الأنصاري الأصبهاني الهروي ) يقول : هذا الشأن يعنى الحديث شأن من ليس شأنه سوى هذا الشأن ولذا قدم فيه كلام الحافظ ( السخاوي ) على كلام ( السيوطي ) عند التعارض لأن صاحب فن يغلب صاحب فنون لكن قد يجمع الله بينهما جمعا كاملا لمن شاء من خلقه كما وقع لإمامنا ( مالك ) - رضي الله تعالى عنه - ولغيره من بعض الأئمة .
وقد قالوا : إن هذه العلوم الثلاثة وهي : الحديث والفقه والتصوف قل إن تجتمع في شخص على وجه الكمال وإذا اجتمعت فيه فهو فرد وقته وألقاب عصره بل ينبغي أن تشد الرحال إليه فإنه لا مثل له وفضل الحديث وأهله كثير جدا وقد أفرد بالتآليف الكثيرة .
نسأله سبحانه وتعالى أن يصرف إليه بقيتنا ويوجه إلى العناية به وجهتنا وكليتنا ويحفظنا من الشيطان الرجيم ويجعلنا من المتطفلين على أبواب هذا النبي الكريم وخدام حضرته العلية المتأدبين بآداب سنته الزكية - A - وشرف وكرم آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
قيده لسائله عبيد الله تعالى وأقل العبيد طالبا من مولاه التوفيق والتسديد ( محمد بن جعفر بن إدريس بن الطائع الكتاني الحسني الإدريسي الفاسي ) غفر الله ذنوبه وستر بمنه وكرمه عيوبه آمين