علم أصول الفقه .
وهو : علم يتعرف منه : استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها الإجمالية .
وموضوعه : الأدلة الشرعية الكلية من حيث أنها كيف يستنبط عنها الأحكام الشرعية .
ومباديه : مأخوذة من العربية وبعض العلوم الشرعية كأصول الكلام والتفسير والحديث وبعض من العقلية .
والغرض منه : تحصيل ملكة استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها الأربعة أعني : الكتاب والسنة والإجماع والقياس .
وفائدته : استنباط تلك الأحكام على وجه الصحة .
واعلم : أن الحوادث وإن كانت متناهية في نفسها بانقضاء دار التكليف إلا أنها لكثرتها وعدم انقطاعها مادامت الدنيا غير داخلة تحت حصر الحاصرين فلا يعلم أحكامها جزئيا .
ولما كان لكل عمل من أعمال الإنسان حكم من قبل الشارع منوط بدليل يخصه جعلوها قضايا موضوعاتها : أفعال المكلفين ومحمولاتها : أحكام الشارع من الوجوب وأخواته .
فسموا : العلم المتعلق بها الحاصل من تلك الأدلة : فقها ثم نظروا في تفاصيل الأدلة والأحكام وعمومها فوجدوا الأدلة راجعة إلى : الكتاب والسنة والإجماع والقياس .
ووجدوا الأحكام راجعة إلى : الوجوب والندب والحرمة والكراهة والإباحة .
وتأملوا في كيفية الاستدلال بتلك الأدلة على الأحكام إجمالا وبيان طرقه وشرائطه ليتوصل بكل من تلك القضايا إلى استنباط كثير من تلك الأحكام الجزئية عن أدلتها التفصيلية فضبطوها ودونوها وأضافوا إليها من اللواحق وسموا العلم المتعلق بها : أصول الفقه .
قال الإمام علاء الدين الحنفي في ( ميزان الأصول ) : اعلم : أن أصول الفقه فرع لعلم أصول الدين فكان من الضرورة أن يقع التصنيف فيه على اعتقاد مصنف الكتاب .
وأكثر التصانيف في أصول الفقه : لأهل الاعتزال المخالفين لنا في الأصول ولأهل الحديث المخالفين لنا في الفروع ولا اعتماد على تصانيفهم .
وتصانيف أصحابنا قسمان : .
قسم : وقع في غاية الإحكام والإتقان لصدوره ممن جمع في الأصول والفروع مثل : ( مأخذ الشرع ) و ( كتاب الجدل ) للماتريدي ونحوهما .
وقسم : وقع في نهاية التحقيق في المعاني وحسن الترتيب لصدوره ممن تصدى لاستخراج الفروع من ظواهر المسموع .
غير أنهم لما لم يتمهروا في دقائق الأصول وقضايا العقول أفضى رأيهم إلى رأي المخالفين في بعض الفصول .
ثم هجر القسم الأول إما لتوحش الألفاظ والمعاني وإما لقصور الهمم والتواني .
واشتهر القسم الآخر . انتهى .
وأول من صنف فيه : الإمام الشافعي ذكره الأسنوي في ( التمهيد ) وحكى الإجماع فيه .
ومن الكتب المصنفة فيه :