فتح : .
واعلم : أن جميع المعلومات إنما تعرف بالدلالة عليها بأحد الأمور الثلاثة : الإشارة واللفظ والخط .
والإشارة : تتوقف على المشاهد واللفظ : يتوقف على حضور المخاطب وسماعه وأما الخط : فلا يتوقف على شيء فهو أعمها نفعا وأشرفها وهو خاصة النوع الإنساني فعلى المتعلم أن يجوده ولو بنوع منه ولا شك أنه بالخط والقراءة ظهرت خاصة النوع الإنساني من القوة إلى الفعل وامتاز عن سائر الحيوان وضبطت الأموال وحفظت العلوم والكمال وانتقلت الأخبار من زمان إلى زمان فجبلت غرائز القوابل على قبول الكتابة والقراءة لكن السعي لتحصيل الملكة وهو موقوف على الأخذ والتعلم والتمرن والتدرب .
فتح : واعلم : أن العلم والنظر وجودهما بالقوة في الإنسان فيفيد صاحبها عقلا لأن النفس الناطقة وخروجها من القوة إلى الفعل إنما هو بتجدد العلوم والإدراكات من المحسوسات أولا ثم ما بما يكتسب بالقوة النظرية إلى أن يصير إدراكا بالفعل وعقلا محضا فيكون ذاتا روحانيا ويستكمل حينئذ وجودها فثبت أن كل نوع من العلوم والنظر يفيدها عقلا مزيدا وكذا الملكات الصناعية تفيد عقلا والكتابة من بين الصنائع أكثر إفادة لذلك لأنها تشتمل على علوم وأنظار إذ فيها انتقال من صور الحروف الخطية إلى الكلمات اللفظية ومنها إلى المعاني فهو ينتقل من دليل إلى دليل ويتعود النفس ذلك دائما فتحصل لها ملكة الانتقال من الأدلة إلى المدلول وهو معنى النظر العقلي الذي يكسب به العلوم المجهولة فيحصل بذلك زيادة عقل ومزيد فطنة وهذا هو : ثمرة التعلم في الدنيا