فتح : .
ومنها : أن يبدأ بما يهم للمتعلم في الحال إما في معاشه أو في معاده ويعين له ما يليق بطبعه من العلوم ويراعي الترتيب الأحسن حسبما يقتضيه رتبتها على قدر الاستعداد فمن بلغ رشده في العلم ينبغي أن يبث إليه حقائق العلوم وإلا : فحفظ العلم وإمساكه عمن لا يكون أهلا له أولى به .
فمن منح الجهال علما أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم .
فإن بث المعارف إلى غير أهلها مذموم .
وفي الحديث : ( لا تطرحوا الدرر في أفواه الكلاب ) .
وكذا ينبغي : أن يجتنب إسماع العوام كلمات الصوفية التي يعجزون عن تطبيقها بالشرع فإنه يؤدي إلى انحلال قيد الشرع عنهم فيفتح عليهم باب الإلحاد والزندقة فينبغي أن يرشد إلى علم العبادات الظاهرة وإن عرض لهم شبهة يعالج بكلام إقناعي ولا يفتح عليهم باب الحقائق فإن ذلك فساد النظام وإن وجد ذكيا ثابتا على قواعد الشرع جاز له أن يفتح باب المعارف بعد امتحانات متوالية لئلا يتزلزل عن جادة الشرع .
تنبيه : اعلم أنه يجب على الطالب : أن لا ينكر ما لا يفهم من مقالاتهم الخفية وأحوالهم الغريبة إذ كل ميسر لما خلق له .
قال الشيخ في ( الإرشادات ) : كل ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان . انتهى .
وإنما الغرض من تدوين تلك المقالات : التذكرة لمن ( 1 / 52 ) يعرف الأسرار والتنبيه على من لا يعرفها بأن لنا علما يجل عن الأذهان فهمه حتى يرغب في تحصيله .
كما في الحديث : ( إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفها إلا العلماء بالله - تعالى - فإذا نطقوا لا ينكره إلا أهل الغرة ) .
وروي : عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أنه قال : ( حفظت من رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - وعائين أما أحدهما : فبثثته وأما الآخر : فلو بثثته لقطع هذا البلعوم ) .
وغرضهم : عدم إمكان التعبير عنه وخوف مقايسة السامعين الأحوال الإلهية بأحوال الممكنات فيضلوا أو يسوء الظن في قائلها فيقابلوه بالإنكار