التلويح الثاني : في الفرس .
وهم أعند الأمم وأوسطهم دارا وكانوا في أول أمرهم موحدين على دين نوح - عليه السلام - إلى أن تمذهب طهمورث بمذهب الصابئين وقسر الفرس على التشريع به فاعتقدوه نحو ألف سنة إلى أن تمجسوا جميعا بسبب زرادشت ولم يزالوا على دينه قريبا من ألف سنة إلى أن انقرضوا ولخواصهم عناية : بالطب وأحكام النجوم ولهم أرصاد ومذاهب في حركاتها .
واتفقوا على أن : أصح المذاهب في الأدوار مذهب الفرس ويسمى : سني أهل فارس وذلك في أن مدة العلم عندهم جزء من اثني عشر من مدة السند هند وهي أن السيارات وأوجاتها وجوزهراتها تجتمع كلها في رأس الحمل في كل ستة وثلاثين مرة : مائة ألف سنة شمسية ولهم في ذلك : كتب جليلة .
وفي كتاب ( الفهرس ) يقال : إن أول من تكلم بالفارسية : كيومرث وتسمية الفرس : ( كل شاه ) أي : ملك الطين وهو : عندهم آدم أبو البشر - عليه الصلاة السلام .
وأول من كتب بالفارسية : بيوراسب المعروف : بالضحاك وقيل : فريدون .
قال ابن عبدوس في ( كتاب الوزراء ) : كانت الكتب والرسائل قبل ملك كشتاسب قليلة ولم يكن لهم اقتدار على بسط الكلام وإخراج المعاني من النفوس ولما ملك ظهر زرادشت صاحب شريعة المجوس وأظهر كتاب : ( القحيب ) ( العجيب ) بجميع اللغات وأخذ الناس يتعلم الخط والكتاب فزادوا ومهروا .
وقال ابن المقفع : لغات الفارسية : الفهلوية والدرية والفارسية والخوزية والسريانية .
أما الفهلوية : فمنسوبة إلى فهلة : اسم يقع على خمسة بلدان وهي : أصبهان والري وهمذان وماء نهاوند وأذربيجان .
وأما الدرية : فلغة المداين وبها كان يتكلم من بباب الملك وهي : منسوبة إلى الباب والغالب عليها من لغة أهل خراسان والمشرق : لغة أهل بلخ .
وأما الفارسية : فيتكلم بها الموابذة والعلماء وهي : لغة أهل فارس .
وأما الخوزية : فبها كان يتكلم الملوك والأشراف في الخلوة مع حاشيتهم .
وأما السريانية : فكان يتكلم بها أهل السواد والمكاتبة في نوع من اللغة بالسرياني فارسي .
وللفرس : ستة أنواع من الخطوط وحروفهم مركبة من : أبجد هوزي كلمن سف رش ثخذ غ فالتاء المثناة والحاء المهملة والصاد والضاد والطاء والظاء والعين والقاف سواقط