علم الأخلاق .
وهو قسم من : الحكمة العملية .
قال ابن صدر الدين في ( الفوائد الخاقانية ) : وهو علم بالفضائل وكيفية اقتنائها لتتحلى النفس بها وبالرذائل : وكيفية توقيها لتتخلى عنها .
فموضوعه : الأخلاق والملكات والنفس الناطقة من حيث : الاتصاف بها .
وهاهنا شبهة قوية وهي : أن فائدة هذا العلم : إنما تتحقق إذا كانت الأخلاق قابلة للتبديل والتغير .
والظاهر خلافه كما يدل عليه قوله - E - : ( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام ) .
وروي عنه - E - أيضا : ( إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوه وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوه فإنه سيعود إلى ما جبل عليه ) .
وقوله D : ( إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) . . ناظر إليه أيضا .
وأيضا الأخلاق : تابعة للمزاج والمزاج : غير قابل للتبديل بحيث يخرج عن عرضه وأيضا السيرة تقابل الصورة وهي لا تتغير .
والجواب : أن الخلق ملكة يصدر بها عن النفس أفعال بسهولة من غير فكر وروية .
والملكة : كيفية راسخة في النفس لا تزول بسرعة .
وهي قسمان : أحدهما : طبيعية والآخر : عادية .
أما الأولى : فهي أن يكون مزاج الشخص في أصل الفطرة مستعدا لكيفية خاصة كامنة فيه بحيث يتكيف بها بأدنى سبب كالمزاج الحار اليابس بالقياس إلى الغضب والحار الرطب بالقياس إلى الشهوة والبارد الرطب بالنسبة إلى النسيان والبارد اليابس بالنسبة إلى البلادة .
وأما العادية : فهي أن يزاول في الابتداء فعلا باختياره وبتكرره والتمرن عليه تصير ملكة حتى يصدر عنه الفعل بسهولة من غير روية .
ففائدة هذا العلم : بالقياس إلى الأولى : إبراز ما كان كامنا في النفس .
وبالقياس إلى الثانية : تحصيلها .
وإلى هذا يشير ما روي عن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - : ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .
ولهذا قيل : إن الشريعة قد قضت الوطر عن أقسام الحكمة العملية على أكمل وجه وأتم تفصيل . انتهى .
وفيه : كتب كثيرة منها :