الإفهام الأول : في أن العلم طبيعي للبشر وأنه محتاج إليه .
اعلم أن الإنسان قد شاركه جميع الحيوان في حيوانيته من : الحس والحركة والغذاء . . وغير ذلك من اللوازم .
وإنما يمتاز عنه : بالفكر وإدراك الكليات الذي يهتدى به لتحصيل معاشه والتعاون عليه بأبناء جنسه وقبول ما جاءت به الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - عن الله - سبحانه وتعالى - والعمل واتباع صلاح أخراه فهو مفكر في ذلك دائما لا يفتر عنه وعن هذا الفكر تنشأ العلوم والصنائع ثم لأجله ولما جبل عليه الإنسان بل الحيوان من تحصيل ما تستدعيه الطباع يكون الفكر راغبا في تحصيل ما ليس عنده من الإدراكات فيرجع إلى ما استفاد عنه إما من الأفواه أو من الدوال عليه .
فهذا ميل طبيعي من البشر إلى الأخذ والاستفادة .
فمنهم : من ساعده فهمه .
ومنهم : من لم يساعده مع ميله إليه .
وأما عدم الميل فلأمر عارضي كفساد المزاج وبعد المكان عن الاعتدال فلا اعتداد به