علم التأويل .
أصله من الأول وهو : الرجوع .
فكان المأول : صرف الآية إلى ما يحتمله من المعاني .
وقيل : من الإيالة وهي : السياسة .
فكأنه ساس الكلام ووضع المعنى موضعه .
واختلف في التفسير والتأويل : .
فقال أبو عبيد وطائفة : هما بمعنى .
وقد أنكر ذلك قوم .
وقال الراغب الأصبهاني : التفسير أعم من التأويل وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية .
وقال غيره : التفسير : بيان لفظ لا يحتاج إلا وجها واحدا والتأويل : توجيه لفظ متوجه إلى معان مختلفة إلى واحد منها بما يظهر من الأدلة .
وقال الماتريدي : التفسير : القطع على أن المراد من اللفظ هذا والشهادة على الله - سبحانه وتعالى - أنه عني باللفظ هذا والتأويل : ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة .
وقال أبو طالب التغلبي : التفسير : بيان وضع اللفظ إما : حقيقة أو مجازا والتأويل : تفسير باطن اللفظ مأخوذ من الأول وهو الرجوع لعاقبة الأمر فالتأويل : إخبار عن حقيقة المراد والتفسير : إخبار عن دليل المراد .
مثاله : قوله - سبحانه وتعالى - : ( إن ربك لبالمرصاد ) تفسيره : إنه من الرصد مفعال منه وتأويله : التحذير من التهاون بأمر الله - سبحانه وتعالى .
وقال الراغب الأصبهاني : التفسير : تكشف معاني القرآن وبيان المراد أعم من أن يكون بحسب اللفظ وبحسب المعنى والتأويل : أكثره في المعاني والتفسير .
إما أن يستعمل في غريب الألفاظ أو في وجيز يبين بشرحه وإما في كلام متضمن لقصة لا يمكن تصويره إلا بمعرفتها وأما التأويل : فإنه يستعمل مرة عاما ومرة خاصا نحو : الكفر المستعمل تارة في : الجحود ( 1 / 335 ) المطلق وتارة في : جحود الباري خاصة وإما في لفظ مشترك بين معان مختلفة .
وقيل : يتعلق التفسير بالرواية والتأويل بالدراية .
وقال أبو نصر القشيري : التفسير : مقصور على السماع والاتباع والاستنباط فيما يتعلق بالتأويل .
وقال قوم : ما وقع مبينا في كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - A - يسمى : تفسيرا وليس لأحد أن يتعرض إليه باجتهاد بل يحمل على المعنى الذي ورد فلا يتعداه والتأويل : ما استنبطه العلماء العالمون بمعنى : الخطاب الماهرون في آلات العلوم .
وقال قوم - منهم : البغوي والكواشي - : هو : صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وبعدها تحتمله الآية غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط . انتهى .
ولعله هو الصواب هذا خلاصة ما ذكره : أبو الخير في ( مقدمة علم التفسير ) .
وقد ذكر في فروع علم الحديث : علم تأويل أقوال النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - وقال : هذا علم معلوم موضوعه وبين نفعه وظاهر غايته وغرضه .
وفيه : رسالة .
لمولانا : شمس الدين الفناري .
وقد استخرج للأحاديث تأويلات موافقة للشرع بحيث يقول : من رآها لله دره وعلى الله أجره .
وأيضا : للشيخ : صدر الدين القنوي .
شرح بعض الأحاديث على التأويلات .
لكن بعضها مخالف لما عرف من ظاهر الشرع مثل قوله : إن الفلك الأطلس المسمى بلسان الشارع : ( العرش ) وفلك الثوابت المسمى عند أهل الشرع : ( الكرسي ) : قديمان وأحال ذلك إلى الكشف الصحيح والعيان الصريح وادعى : أن هذا غير مخالف للشرع لأن الوارد فيه : حدوث السموات السبع والأرضين إلا أن هذا الشيخ قد أبدع في سائر التأويلات بحيث ينشرح الصدور والبال والله - سبحانه وتعالى - أعلم بحقيقة الحال . انتهى .
أقول : شرح تسعة وعشرين حديثا .
وسماه : ( كشف أسرار جواهر الحكم ) .
وسيأتي .
وما ذكره من القول القدم ليس هو أول من يقول به بل هو مذهب شيخه : ابن عربي وشيوخ شيخه كما لا يخفى على من تتبع كلامهم