وينبغي أن يشتغل بمطالعة الكتب المصنفة في تاريخ الدول وحوادث العالم في كل سنة كما فعله الطبري في تاريخه وابن الأثير في كامله فإن للاطلاع على ذلك فائدة جليلة .
فإذا أحاط الطالب بما ذكرناه من العلوم فقد صار حينئذ في الطبقة ( 1 / 371 ) العالية من طبقات المجتهدين وكمل له جميع أنواع علوم الدين وصار قادرا على استخراج الأحكام من الأدلة متى شاء وكيف شاء ولكنه ينبغي له : أن يطلع على علوم أخر ليكمل له ما قد حازه من الشرف ويتم له ما قد ظفر به من بلوغ الغاية فمن ذلك : علم الفقه وأقل الأحوال : أن يعرف مختصرا في فقه كل مذهب من المذاهب المشهورة فإنه قد يحتاج إليها المجتهد لإفادة المتمذهبين السائلين عن مذاهب أئمتهم وقد يحتاج إليها لدفع من يشنع عليه في اجتهاده كما يقع ذلك كثيرا من أهل التعصب والتقصير فإنه إذا قال له : قد قال بهذه المقالة العالم الفلاني أو عمل عليها أهل المذهب الفلاني كان ذلك دافعا لصولته كاسرا لسورته وما أنفع الاطلاع على المؤلفات البسيطة في حكاية مذاهب السلف وأهل المذاهب وحكاية أدلتهم وما دار بين المتناظرين منهم إما تحقيقا أو فرضا كمؤلفات ابن المنذر وابن قدامة وابن حزم وابن تيمية ومن سلك مسالكهم فإن تلك المؤلفات هي مطارح أنظار المحققين ومطامح أفكار المجتهدين