وينبغي لمن كان صادق الرغبة قوي الفهم ثاقب النظر عزيز النفس شهم الطبع عالي الهمة سامي الغريزة أن لا يرضى لنفسه بالدون ولا يقنع بما دون الغاية ولا يقعد عن الجد والاجتهاد المبلغين له إلى أعلى ما يراد وأرفع ما يستفاد فإن النفوس الأبية والهمم العلية لا ترضى بدون الغاية في المطالب الدنيوية من : جاه أو مال أو رئاسة أو صناعة أو حرفة .
وإذا كان هذا شأنهم في الأمور الدنيوية التي هي سريعة الزوال قريبة الاضمحلال فكيف لا يكون ذلك من مطالب المتوجهين إلى ما هو أشرف مطلبا وأعلى مكسبا وأرفع مرادا وأجل خطرا وأعظم قدرا وأعود نفعا وأتم فائدة ؟ وهي المطالب الدينية مع كون العلم أعلاها وأولاها بكل فضيلة وأجلها وأكلمها في حصول المقصود وهو الخير الأخروي