ولله لطف ما أودعه صاحب جوامع الكلم - A - كلامه وهو أن المبالغة لها مناسبة بالشعر فراعى - A - هذه المناسبة الشعرية في كلام أورده في مدح الشعر وأفاد سندا كاملا لجواز المبالغة إذا اقتضت مصلحة دينية .
ومثله : قوله - A - : ( إن من البيان لسحرا ) .
قال الطيبي في ( 1 / 334 ) ( تبيانه ) : من : للتبعيض والكلام فيه تشبيه وحقه أن يقال : إن بعض البيان كالسحر فقلب وجعل الخبر مبتدأ مبالغة في جعل الأصل فرعا والفرع أصلا ووجه التشبيه يتغير بتغير إرادة المدح والذم . انتهى .
يعني : أن السحر له وجهان : المدح والذم ووجه تشبيه البيان به هاهنا الأول .
قال المحقق الشريف في ( حواشي الكشاف ) عند تفسير قوله تعالى : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ) : فإن قيل : لا فائدة في الإخبار بأن من يقول كذا وكذا من الناس أجيب : بأن فائدته التنبيه على أن الصفات المذكورة تنافي الإنسانية فينبغي أن يجهل كون المتصف بها من الناس ويتعجب منه ورد : بأن مثل هذا التركيب قد يأتي في مواضع لا يتأتى فيها مثل هذا الاعتبار ولا يقصد منها إلا الإخبار بأن من هذا الجنس طائفة متصفة بكذا كقوله تعالى : ( من المؤمنين رجال ) فالأولى : أن يجعل مضمون الجار والمجرور مبتدأ على معنى : وبعض الناس أو : بعض منهم من اتصف بما ذكر فيكون مناط الفائدة تلك الأوصاف ولا استبعاد في وقوع الظرف بتأويل معناه مبتدأ . انتهى كلامه