وإذا تقرر معنى الأسلوب ما هو ؟ فلنذكر بعده حدا أو رسما للشعر به تفهم حقيقته على صعوبة هذا الغرض فإنا لم نقف عليه لأحد من المتقدمين - فيما رأيناه - .
وقول العروضيين في حده : إنه الكلام الموزون المقفى ليس بحد لهذا الشعر الذي نحن بصدده ولا رسم له وصناعتهم إنما تنظر في الشعر باعتبار ما فيه من الإعراب والبلاغة والوزن والقوالب الخاصة فلا جرم أن حدهم ذلك لا يصلح له عندنا فلا بد من تعريف يعطينا حقيقته من هذه الحيثية فنقول : .
الشعر : هو الكلام البليغ المبني على الاستعارة والأوصاف المفصل بأجزاء متفقة في الوزن والروي مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده الجاري على أساليب العرب المخصوصة به فقولنا : ( الكلام البليغ ) جنس وقولنا : ( المبني على الاستعارة والأوصاف ) فصل عما يخلو من هذه فإنه في الغالب ليس بشعر وقولنا : ( المفصل بأجزاء متفقة الوزن والروي ) فصل له عن الكلام المنثور الذي ليس بشعر عند الكل وقولنا : ( مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده ) بيان للحقيقة لأن الشعر لا تكون أبياته إلا كذلك ولم يفصل به شيء وقولنا : ( الجاري على الأساليب المخصوصة به ) فصل له عما لم يجر منه على أساليب العرب المعروفة فإنه حينئذ لا يكون شعرا إنما هو كلام منظوم لأن الشعر له أساليب تخصه لا تكون للمنثور وكذا أساليب المنثور لا تكون للشعر فما كان من الكلام منظوما وليس على تلك الأساليب فلا يكون شعرا