والمحمود في المخاطبات السلطانية : الترسل وهو : إطلاق الكلام وإرساله من غير تسجيع إلا في الأقل النادر وحيث ترسله الملكة إرسالا من غير تكلف له ثم إعطاء الكلام حقه في مطابقته لمقتضى الحال فإن المقامات مختلفة ولكل مقام أسلوب يخصه من : إطناب أو إيجاز أو حذف أو إثبات أو تصريح أو إشارة أو كناية أو استعارة .
وأما إجراء المخاطبات السلطانية على هذا النحو الذي هو على أساليب الشعر فمذموم وما حمل عليه أهل العصر إلا استيلاء العجمة على ألسنتهم وقصورهم لذلك عن إعطاء الكلام حقه في مطابقته لمقتضى الحال فعجزوا عن الكلام المرسل لبعد أمده في البلاغة وانفساح خطوبه وولعوا بهذا المسجع يلفقون به ما نقصهم من تطبيق الكلام على المقصود ومقتضى الحال فيه ويجبرونه بذلك القدر من التزيين بالأسجاع والألقاب البديعية ويغفلون عما سوى ذلك .
وأكثر من أخذ بهذا الفن وبالغ فيه في سائر أنحاء كلامهم : كتاب المشرق وشعراؤه لهذا العهد حتى إنهم ليخلون بالإعراب في الكلمات والتصريف إذا دخلت لهم في تجنيس أو مطابقة لا يجتمعان معها فيرجحون ذلك الصنف من التجنيس ويدعون الإعراب ويفسدون بنية الكلمة عساها تصادف التجنيس فتأمل ذلك بما قدمناه لك تقف على صحة ما ذكرناه . - والله الموفق للصواب بمنه وكرمه - . ( 1 / 289 )