وأهل الأندلس أقرب منهم إلى تحصيل هذه الملكة بكثرة معاناتهم وامتلائهم من المحفوظات اللغوية نظما ونثرا وكان فيهم : ابن حيان المؤرخ إمام أهل الصناعة في هذه الملكة ورافع الراية لهم فيها وابن ( 1 / 283 ) عبد ربه والقسطلي وأمثالهم من شعراء ملوك الطوائف لما زخرت فيها بحار اللسان والأدب وتداول ذلك فيهم مئين من السنين حتى كان الانفضاض والجلاء أيام تغلب النصرانية وشغلوا عن تعلم ذلك .
وتناقص العمران فتناقص لذلك شأن الصنائع كلها فقصرت الملكة فيهم عن شأنها حتى بلغت الحضيض وكان من آخرهم : صالح بن شريف ومالك بن المرحل من تلاميذ الطبقة الإشبيليين بسبتة وكتاب دولة ابن الأحمر في أولها .
وألقت الأندلس أفلاذ كبدها من أهل تلك الملكة بالجلاء إلى العدوة من إشبيلية إلى سبتة ومن شرق الأندلس إلى إفريقية .
ولم يلبثوا إلى أن انقرضوا وانقطع سند تعليمهم في هذه الصناعة لعسر قبول العدوة لها وصعوبتها عليهم بعوج ألسنتهم ورسوخهم في العجمة البربرية - وهي منافية لما قلناه