والعامي السليم الطبع المتوسط الكيس لقصور فكره عن ذلك وعدم اعتياده إياه يقتصر لكل مادة على حكمها وفي كل صنف من الأحوال والأشخاص على ما اختص به ولا يعدي الحكم بقياس ولا تعميم ولا يفارق في أكثر نظره المواد المحسوسة ولا يجاوزها في ذهنه كالسابح : لا يفارق البر عند الموج قال الشاعر : .
فلا توغلن إذا ما سبحت ... فإن السلامة في الساحل .
فيكون مأمونا من النظر في سياسته مستقيم النظر في معاملة أبناء جنسه فيحسن معاشه وتندفع آفاته ومضاره باستقامة نظره - ( وفوق كل ذي علم عليم ) - .
ومن هنا : يتبين أن صناعة المنطق غير مأمونة الغلط لكثرة ما فيها من الانتزاع وبعدها عن المحسوس فإنها تنظر في المعقولات الثواني .
ولعل المواد فيها ما يمانع تلك الحكام وينافيها عند مراعاة التطبيق اليقيني وأما النظر في المعقولات الأول - وهي التي تجريدها قريب - فليس كذلك لأنها خيالية وصور المحسوسات حافظة مؤذنة بتصديق انطباقه - والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التوفيق