اعلم أن التقسيم الضابط أن يقال : إن من الناس من لا يقول بمحسوس ولا بمعقول وهم السوفسطائية فإنهم أنكروا حقائق الأشياء .
ومنهم من يقول بالمحسوس ولا يقول بالمعقول وهم الطبيعية كل منهم معطل لا يرد عليه فكره براد ولا يهديه عقله ونظره إلى اعتقاد ولا يرشده ذهنه إلى معاد قد ألف المحسوس وركن إليه وظن أن لا عالم وراء العالم المحسوس ويقال لهم الدهريون أيضا فإنهم يثبتون معقولا .
ومنهم من يقول بالمحسوس والمعقول ولا يقول بحدود ولا أحكام وهم الفلاسفة فكل منهم قد رقى عن المحسوس وأثبت المعقول لكنه لا يقول بحدود وأحكام وشريعة وإسلام ويظن أنه إذا حصل له المعقول وأثبت للعالم مبدأ ومعادا وصل إلى الكمال المطلوب من جنسه فيكون سعادته على قدر إحاطته وعلمه وشقاوته بقدر جهله وسفاهته وعقله هو المستبد بتحصيل هذه السعادة . وهؤلاء الذين كانوا في الزمن الأول دهرية وطبيعية وإلهية لا الذين أخذوا علومهم عن مشكاة النبوة