وهو أول من استخرج العروض وأخرجه إلى الوجود وحصر الأشعار بها في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحرا ثم زاد فيه الأخفش بحرا واحد وسماه الخبب وله معرفة بالإيقاع والنغم وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض فإنهما متقاربان في المآخذ . وكان دعا بمكة أن يرزقه الله تعالى علما لم يسبق إليه ولا يؤخذ إلا عنه فرجع من حجه وفتح عليه بالعروض .
وكان من الزهاد في الدنيا والمنقطعين إلى العلم .
قال تلميذه نضر بن شميل : أقام الخليل في خص بالبصرة لا يقدر على ( 3 / 5 ) فلسين وتلامذته يكتسبون بعلمه الأموال وكان الناس يقولون : لم يكن في العرب بعد الصحابة أذكى منه .
وكان يحج سنة ويفرد سنة وأبوه : أول من سمي أحمد بعد النبي A .
وكان يقول : أكمل ما يكون الإنسان عقلا وذهنا إذا بلغ أربعين سنة وهي السن التي بعث الله فيها محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ثم يتغير وينقص إذا بلغ ثلاثا وستين سنة وهي السن التي قبض فيها رسول الله A وأصفى ما يكون ذهن الإنسان في وقت السحر .
ومن شعره : .
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني ... أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا .
لكن جهلت مقالتي فعذلتني ... وعلمت أنك جاهل فعذرتكا .
وأنشد : .
يقولون لي : دار الأحبة قد دنت ... وأنت كئيب إن ذا لعجيب .
فقلت : وما تغني الديار وقربها ... إذا لم يكن بين القلوب قريب ؟ .
ذكر له ابن خلكان ترجمة حافلة في وفيات الأعيان .
توفي الخليل سنة خمس وستين أو سبعين ومائة وله أربع وسبعون .
وسبب موته أنه قال : أريد أن أعمل نوعا من الحساب تمضي به الجارية إلى البقال فلا يمكن أن يظلمها فدخل المسجد وهو يعمل فكره فصدمته سارية وهو غافل فانصدع ومات و رئي في النوم فقيل له : ما صنع الله بك ؟ فقال : أرأيت ما كنا فيه لم يكن شيئا أو ما وجدت أفضل من : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر