وأما التصديقات : فهي مقدمات إما بينة بنفسها وتسمى علوما متعارفة كقولنا في علم الهندسة : المقادير المتساوية لشيء واحد متساوية . وإما غير بينة بنفسها سواء كانت مبينة هناك أو في محل آخر أو في علم آخر يتوقف عليها الأدلة المستعملة في ذلك العلم سواء كانت قياسات أو غيرها من الاستقراء والتمثيل وحصرها في المبينة فيه والمبينة في علم آخر وفي أجزاء القياسات كما توهم محل نظر .
ثم الغير البينة بنفسها إما مسلمة فيه أي في ذلك العلم على سبيل حسن الظن وتسمى أصولا موضوعة كقولنا في علم الهندسة : لنا أن نصل بين كل نقطتين بخط مستقيم أو مسلمة في الوقت أي : وقت الاستدلال مع استنكار وتشكك إلى أن تستبين في موضعها وتسمى مصادرات لأنه تصدر بها المسائل التي تتوقف عليها كقولنا فيه : لنا أن نرسم على كل نقطة وبكل بعد دائرة . ونوقش في المثال بأنه لا فرق بينه وبين قولنا : لنا أن نصل الخ في قبول المتعلم بهما بحسن الظن .
وأورد مثال المصادرة قول إقليدس : إذا وقع خط على خطين وكانت الزاويتان الداخلتان أقل من قائمتين فإن الخطين إذا أخرجا بتلك الجهة التقيا . لكن لا استبعاد في ذلك إذ المقدمة الواحدة قد تكون أصلا موضوعا عند شخص مصادرة عند شخص آخر . ( 1 / 83 ) .
ثم الحدود والأصول الموضوعة والمصادرات يجب أن يصدر بها العلم وأما العلوم المتعارفة فعن تصدير العلم بها غنية لظهورها وربما تخصص العلوم المتعارفة بالصناعة إن كانت عامة وتصدر بها في جملة المقدمات كما فعل إقليدس في كتابه