وأمور خرق العادة غير منحصرة ولا يقصد أحد إلى تحصيلها والله بما يعملون محيط .
وأكثر ما يحمل على التماس هذه الصناعة وانتحالها العجز عن الطرق الطبيعية للمعاش وابتغاؤه من غير وجوهه الطبيعية كالفلاحة والنجارة والصناعة فيستصعب العاجز ابتغاؤه من هذه ويروم الحصول على الكثير من المال دفعة بوجوه غير طبيعية من الكيمياء وغيرها وأكثر من يعني بذلك الفقراء من ( 2 / 467 ) أهل العمران حتى في الحكماء المتكلمين في إنكارها واستحالتها .
فإن ابن سينا القائل باستحالتها كان عليه الوزراء فكان من أهل الغنى والثروة .
والفارابي القائل بإمكانها كان من أهل الفقر الذين يعوزهم أدنى بلغة من المعاش وأسبابه وهذه تهمة ظاهرة في أنظار النفوس المولعة بطرقها وانتحالها والله الرزاق ذو القوة المتين لا رب سواه .
قال في ( ( مدينة العلوم ) ) : إ ن علم الكيمياء كان معجزة لموسى عليه السلام علمه القارون فوقع منه ما وقع ثم ظهر في جبابرة قوم هود وتعاطوا ذلك وبنوا مدينة من ذهب وفضة لم يخلق مثلها في البلاد .
وممن اشتهر بالوصول إليه مؤيد الدين الطغرائي يقال : أنه وصل إلى الإكسير وهو الدواء الذي يدبره الحكماء ويلقونه على الجسد حال انفعاله بالذوبان فيحيله كإحالة السم الجسد الوارد عليه لكن إلى الصلاح دون الفساد ويعبرون عن مادة هذا الدواء بالحجر المكرم وربما يقولون حجر موسى لأنه الذي علمه موسى عليه السلام لقارون ويختلف حال هذا الدواء بقدر قوة التدبير وضعفه .
يحكى أن واحدا سأل من مشائخ هذا الصنعة أن يعلمه هذا العلم وخدمه على ذلك سنين فقال : .
إن من شرط هذه الصنعة تعليمها لأفقر من في البلد فاطلب رجلا لا يكون أفقر منه في البلد حتى نعلمه وأنت تبصرها فطلب مدة مثل ما يقول الأستاذ فوجد رجلا يغسل قميصا له في غاية الرداءة والدرن وهو يغسله بالرمل ولم يقدر على قطعة صابون فقال في نفسه : .
لم أر أفقر منه فأخبر الأستاذ فقال : وجدت رجلا حاله وصفته كيت وكيت فقال الأستاذ : والله إن الذي وصفته هو شيخنا جابر بن حيان الذي تعلمت منه هذه الصنعة وبكى .
قال إن من خاصية هذه الصنعة إن الواصلين إليها يكونون في غاية الإفلاس .
كما نقل عن الإمام الشافعي من طلب المال بالكيمياء أو الإكسير فقد ( 2 / 468 ) أفلس