ويحكى أنه كان في زمن هارون الرشيد رجل أعمى من أهل العرافة وكان يستدل على المسئول عنه بكلام مصدر عن الحاضرين عقيب السؤال فسرق يوما من خزانة هارون بعض من الأشياء فطلب الرجل وأمر أن لا يتكلم أحد بعد السؤال أصلا ففعلوا كما أمر هارون والأعمى ألقى سمعه ولم يسمع شيئا فأمر يده على البساط فوجد فيه نواة تمرة فقال : إن المسئول عنه در وزبرجد وياقوت . فقال الرشيد : في أين هو ؟ قال : في بئر فوجدوه كما ذكر الأعمى فتحير الرشيد فيه .
فسأل عن سبب معرفته .
فقال : وجدت نواة تمرة وطلع النخل أبيض وهو كالدرة ثم يكون بسرا وهو أخضر وهو لون الزمرد ثم يكون رطبا وهو أحمر وهو لون الياقوت ثم لما سألتم عن مكان المسروق سمعت صوت دلو فعرفت أنه في بئر فاستحسن الرشيد فراسته فأعطاه مالا جزيلا .
وحكي أن أبا معشر وصاحبه ذهبا إلى عراف فسألاه عن شيء فقال : أنكما سألتما عن مسجون فقالا : إنه يخلص قال : نعم يخلص فسألاه عن سبب معرفته فقال : إنكما لما سألتماني وقع نظري على قربة ماء فعرفت أن السؤال عن مسجون ولما سألتماني عن خلاصة نظرت فإذا هو قد فرغ قربته .
وحكى عن المهدي أنه رأى رؤيا فنسيها فأمر بعراف فأحضر فسأله عن رؤياه فقال : يا أمير المؤمنين صاحب العرافة ينظر إلى الحركة فغضب المهدي من أنه ( 2 / 381 ) يدعي العرافة ولا يعرف شيئا فوضع يده على رأسه ثم مسح وجهه ثم ضرب يده على فخذه من شدة غضبه قال العراف : يا أمير المؤمنين أخبرك عن رؤياك .
إنك صعدت على جبل ثم نزلت إلى أرض ملساء فيها عينان مالحتان ثم لقيت رجلا من قريش فسأله المهدي عن سبب معرفته فقال : مسحت الرأس وهو الجبل ومسحت الجبهة وهي أرض ملساء فيها عينان مالحتان ثم مسحت الفخذ وهي قبيلتك قال المهدي : صدقت وأمر له بمال جزيل .
وأمثال هذه الحكايات كثيرة يعرفها من تتبع المحاضرات ذكر ذلك صاحب ( ( مدينة العلوم ) )