اعلم أنه قد يطلق هذا الاسم على ما هو غير الحقيقي من السحر وهو المشهور .
وحاصله إحداث مثالات خيالية في الجو لا وجود لها في الحس وقد يطلق على إيجاد تلك المثالات بصورها في الحس فحينئذ يظهر بعض الصور في جوهر الهواء فتمول سريعة لسرعة تغير جوهر الهواء ولا مجال لحفظ ما يقبل من الصورة في زمان طويل لرطوبته فيكون سريع القبول وسريع الزوال .
وأما كيفية إحداث تلك الصور وعللها فأمر خفي لا اطلاع عليه إلا .
لأهله وليس المراد وصفه وتحقيق ههنا بل المقصود هنا الكشف وإزالة الالتباس عن أمثاله .
وحاصله ومجمله أن يركب الساحر أشياء من الخواص والأدهان أو المانعات أو كلمات خاصة توجب بعض تخيلات خاصة كدارك الحواس بعض المأكول والمشروع وأمثاله ولا حقيقة له ( 2 / 333 ) .
وفي هذا الباب حكايات كثيرة عن ابن سينا والسهروردي المقتول انتهى ما في ( ( كشف المظنون ) ) .
وأطال ابن خلدون في بيان هذا العلم إلى أوراق لسنا بصدد نقله في هذا الموضع .
قال : في ( ( المدينة ) ) ومن جملة ما حكى الأوزاعي عن يهودي لحقه في السفر وأنه أخذ ضفدعا فسحرها بطريقة علم السيميا حتى صارت خنزيرا فباعها من قوم من النصارى فلما صاروا إلى بيوتهم عاد ضفدعا فلحقوا اليهودي وهو مع الأوزاعي فلما قربوا منه رأوا رأسه قد سقط ففزعوا وولوا هاربين وبقي الرأس يقول للأوزاعي : يا أبا عمرو هل غابوا إلى أن بعدوا عنه فصار الرأس في الجسد . هذا ما حكاه ابن السبكي في رسالته ( ( معيد النعم ومبيد النقم ) ) .
ومنفعة هذا العلم وغرضه ظاهران جدا ولفظ سيميا عبراني معرب أصله سيم يه ومعناه : اسم الله وأما المقالات السبع عشرة للحلاج فإنما هي على سبيل الرمز وللشيخ ابن سينا أمور غريبة تنقل عنه في هذا العلم وكذا للشيخ شهاب الدين السهروردي المقتول انتهى .
وقد حقق شيخ الإسلام ابن تيمية - C - في مؤلفاته أن الحلاج كان من الساحرين المشعبذين ولم يكن من أولياء الله تعالى كما زعم جماعة من الصوفية والله أعلم وعلمه أتم ( 2 / 334 )