قلت : ومن الحسن التفاسير المؤلفة في هذا الزمان الأخير تفسير شيخنا الإمام المجتهد العلامة قاضي القضاة بصنعاء اليمن محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين وألف الهجرية المسمى ب : ( ( فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ) ) ثم تفسير هذا العبد القاصر المسمى ب : ( ( فتح البيان في مقاصد القرآن ) ) وقد طبع - بحمد الله تعالى - بمطبعتنا ببلدة بهوبال وكان المصروف في وليمة طبعه عشرين ألف ربية وسارت به الركبان من بلاد الهند إلى بلاد العرب والعجم ورزق القبول من علماء الكتاب والسنة القاطنين ببلد الله الحرام ومدينة نبيه - E - ومحدثي اليمن وصنعاء والقدس والمغرب وغير هؤلاء - ولله الحمد كل الحمد على ذلك - .
فصل .
قال ابن خلدون في : ( ( بيان علوم القرآن من التفسير والقراءات ) ) : .
أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع منها : ما هو في العقائد الإيمانية ومنها : ما هو في أحكام الجوارح ومنها : ما يتقدم ومنها : ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي - A - يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ ويعرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولا عنه كما علم من قوله تعالى : ( ( إذا جاء نصر الله والفتح ) ) : أنها نعي النبي - A - وأمثال ذلك ونقل ذلك عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك عنهم ولم يزل ذلك متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودونت الكتب فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار . ( 2 / 188 )