هو : علم يعرف به كيفية ترقي أهل الكمال من النوع الإنساني في مدارج سعادتهم والأمور العارضة لهم في درجاتهم بقدر الطاقة البشرية . ( 2 / 153 ) .
وأما التعبير عن هذه الدرجات والمقامات كما هو حقه فغير ممكن لأن العبارات إنما وضعت للمعاني التي وصل إليها فهم أهل اللغات .
وأما المعاني التي لا يصل إليها إلا غائب عن ذاته فضلا عن قوى بدنه فليس بممكن أن توضع لها الألفاظ فضلا عن أن يعبر عنها بالألفاظ .
فكما أن المعقولات لا تدرك بالأوهام والموهومات لا تدرك بالخياليات والتخيلات لا تدرك بالحواس كذلك ما من شأنه أن يعاين اليقين لا يمكن أن يدرك بعلم اليقين .
فالواجب على من يريد ذلك أن يجتهد في الوصول إليه بالعيان دون أن يطلبه بالبيان فإنه طور وراء طور العقل .
علم التصوف علم ليس يعرفه ... إلا أخو فطنة بالحق معروف .
وليس يعرفه من ليس يشهده ... وكيف يشهد ضوء الشمس مكفوف .
هذا ما ذكره ابن صدر الدين .
وأما أبو الخير فإنه جعل الطرف الثاني من كتابه في العلوم المتعلقة بالتصفية التي هي ثمرة العمل بالعلم .
ولهذا العلم أيضا ثمرة تسمى : علوم المكاشفة لا يكشف عنها العبارة غير الإشارة كما قال النبي - A - : ( ( إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفها إلا العلماء بالله تعالى فإذا نطقوا لا ينكره إلا أهل الغرة ) ) .
فرتب هذا الطرف في مقدمة ودوحة لها شعب وثمرة وقال : الدوحة في علوم الباطن لها أربع شعب : العبادات والعادات والمهلكات والمنجيات فلخص فيه ( 2 / 154 ) كتاب : ( ( الإحياء ) ) للغزالي ولم يذكر الثمرة فكأنه لم يذكر التصوف المعروف بين أهله