يخلق الناس على غرائز وهمم وعادات شتى ثم يتيسر لهم مصاحبات وأغراض واتفاقات فوضى ولاختلافها مدخل جليل في إحداث الآراء وترجيح المختلفات فمنهم الحديد يستطيع تخليص الأطراف عن شوب المألوفات والعبارات والبليد يعجز عنه والمنحصر في المحسوس لا يرى المعقول إلا من مكان بعيد والمتجرد عنه والمفرط في قياس الغائب على الشاهد والمبالغ في الفرار عنه والعجول في القبول والإنكار من غير أن يحيط خبرة والمتأني فيه والمسامح يكتفي بالظن وبصورة من الصور المحتملة التي تفي بظاهر المقصود والفحاص عنه والمتيقظ بالمشاركات والمبائنات واللوازم والمغفل عنه والمغلوب في أيدي الوهم يبني الأمر على الاعتبارات المحضة والغالب عليه والناظر في الشيء ببذل الجهد وصرف القصد والمتكاسل عنه يمر سردا وتطفلا ونير العقل يتنبه لأشياء بلا تعليم وبأدنى إشارة ومظلمه يعجز عنه والمتقيد بالشرائع والواهن فيها والمألوف بالرسم وغير المبالي به وواسع الفهم يحيط بالشقوق والقيود والسابق واللاحق والمبسوطات وضيقه والمشتهي للتفرد والمتنفر عنه يحب التقليد والمتفطن لفروع الشيء وعواقبه والراكد عليه والمحب لشخص ومذهب والمبغض له فيرتكبون في الإخراج والإدراج فيه كل صعب وذلول والمحقق والمقلد والمنصف والمتعصب والإمعة والقادر على أداء ما في الضمير والقاصر عنه ومستقيم الفهم ومعوجه ونقي الباطن يورثه الباطل قلقا كأكل الذباب وكدرة ( 1 / 408 ) المطمئن بالأكاذيب والمنقح للمقصود عن الوسائل واللواحق والخابط فيه والجازم يقع في قلبه الحكم بعد النظر فيه والحائر لا يحكم إلى غير ذلك مما لا يعسر على الفطن عند الاستقراء معرفة أصنافه وتعيين أشخاصه